تصاعد فوضى “الفراشة” بالأحياء السكنية يثير الانزعاج في شهر رمضان

منذ سنة 2011، وإبان الحراك الاجتماعي الذي شهده المغرب، انتشرت “ظاهرة” الباعة المتجولين، أو “الفرّاشة” بالتعبير الدارج، بشكل لافت في مختلف مدن المملكة؛ ومع قدوم رمضان تستفحل هذه الظاهرة، حيث يتزايد عدد الباعة المتجولين في ارتباط بأعمال موسمية خاصة بشهر الصيام.

ويثير احتلال “الفرّاشة” للملك العام جملة من المشاكل، فعلاوة على ما يليه من اختناق حركة المرور بالشوارع، والفوضى، يتسبب في إزعاج راحة السكان، نتيجة الضوضاء، وركام النفايات التي يتم التخلص منها، خاصة أن حركة الباعة المتجولين لم تعد تقتصد على الشوارع الكبرى، بل توغلت داخل الأحياء السكنية.

وخلال الأيام الأولى من رمضان راسلت هيئات مدنية السلطات في عدد من المدن قصد التدخل لضمان راحة المواطنين، عبر إيواء الباعة المتجولين في الأسواق المخصصة لهم، بينما يشتكي التجار بدورهم من “المنافسة غير الشريفة”.

واعتبر ملوك عبد العزيز، رئيس جمعية الأهداف النبيلة بحي شماعو في مدينة سلا، أن “المِلْك العمومي يجب أن يُحترم، وأن تكون الأرصفة في متناول الراجلين، فهذا هو الأصل، لا أن يتم احتلالها واحتلال الطرقات”.

جمعية الأهداف النبيلة بسلا أصدرت بلاغا وصفت فيه انتشار الباعة المتجولين في حي شماعو بـ”المهول”، منذ حلول شهر رمضان، منتقدة عدم قدرة السلطة المحلية على إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، كما انتقدت ما سمّته “الموقف السلبي والمتخاذل من المنتخبين وجميع المتدخلين في ما يحدث من اعتداء يومي على كرامة الساكنة”.

وفي مدينة تاهلة وجهت جمعية التجار والحرفيين شكاية إلى عامل عمالة تازة، اشتكت فيها من “انتشار واحتلال الباعة المتجولين الأرصفة وشوارع المدينة، وعدم احترامهم حرمة محلاتنا وتضييق الخناق علينا وإزعاجنا بكراريسهم وصراخهم في تسويق سلعهم، ما يجعل المكان في حالة من الفوضى وضجيج لا يطاق”.

ورغم أن الدولة أنشأت “أسواقا نموذجية” لإيواء الباعة المتجولين فإن هذه الظاهرة مازالت تتوسع. ويعزو عبد العزير ملوك ذلك إلى “عدم الصرامة مع الباعة المتجولين المستفيدين من الأسواق النموذجية”.

وقال الفاعل الجمعوي ذاته في تصريح لهسبريس: “الأسواق النموذجية لم تُعط النتيجة المتوخاة منها لأن كثيرا من المستفيدين منها يعمدون إلى إكرائها لأشخاص آخرين، ويعودون إلى الشارع حيث يحصلون على عائد مالي أكبر”، مرجعا سبب هذه الممارسة إلى “عدم قيام السلطة بواجبها”.

الإشكالات التي تطرحها ظاهرة الباعة المتجولين سبق أن أكدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إحالة ذاتية سنة 2021، أبرز فيها أن التجارة الجائلة “تطرح مشكلات عويصة أمام السلطات العمومية، سواء على المستوى المركزي أو المحلي”، لافتا إلى أن أعداد الباعة المتجولين “تتزايد بوتيرة لا تستطيع السلطات العمومية ضبطها”.

وقال المجلس إن انتشار التجارة الجائلة في إطار غير منظَّم يفاقم من مظاهر الهشاشة في سوق الشغل، ويشكل مصدر منافسة غير مشروعة للقطاع المنظَّم، ويلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، لاسيما من حيث الإمكانات الضريبية غير المستغلة.

وعلاوة على ذلك، أبرز المجلس الاقتصادي أن هذه التجارة “تطرح بحدة مشاكل من قبيل الازدحام والاحتلال غير القانوني للملك العمومي، مع الإشكاليات المرتبطة بالنظافة، والسلامة الصحية، وأمن المواطنات والمواطنين، والسكينة العمومية”.

واعتبر عبد العزيز ملوك أن ظاهرة الباعة المتجولين “تسيء إلى المغرب، ذلك أنها تُشيع الانطباع باستشراء مظاهر الفقر، في وقت يجني هؤلاء الباعة أرباحا كبيرة، لكن مظهرهم يوحي بأنهم فقراء، وأكثر من ذلك فإنهم لا يدفعون أي ضريبة ويشكلون عبئا على الدولة”.

محمد الراجي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى