
في خطوة لتعزيز جاذبية الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال بجهة سوس ماسة، احتضنت مدينة أكادير يوم الجمعة 19 دجنبر 2025، تظاهرة علمية ومهنية وازنة، تمثلت في الندوة الوطنية حول موضوع: “التحكيم والوساطة الاتفاقية كبديل فعال لتشجيع الاستثمار في ظل القانون 95-17”.
هذا اللقاء، الذي نظمه المركز المغربي للتحكيم والوساطة والمواكبة، بشراكة مع نادي رواد الأعمال الدولي وملتقى التواصل للمحامين، لم يكن مجرد محفل علمي، بل شكل لحظة فارقة للاحتفاء بتخرج الفوج الثاني من المحكمين والوسطاء، بحضور ثلة من هامات القضاء، والمحاماة، والجامعة، والخبراء الاقتصاديين.

افتُتحت أشغال الندوة بكلمة توجيهية للأستاذ حسن وهبي، النقيب السابق والرئيس السابق لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، الذي وضع الإصبع على الجرح بالتأكيد على أن “الأمن القضائي والتعاقدي هو العمود الفقري لأي نهضة اقتصادية”، مشيراً إلى أن التحكيم والوساطة لم يعدا مجرد “ترف قانوني”، بل ضرورة ملحة لتوفير مرونة وسرعة تتماشى مع إيقاع المال والأعمال.

شكلت المداخلات العلمية فرصة لتعميق النقاش حول الإطار القانوني الجديد. حيث قدم الدكتور أوديجا بنسالم، المستشار بمحكمة النقض، تشريحاً دقيقاً لمستجدات القانون 95-17، مبرزاً كيف سعى المشرع المغربي إلى تحديث منظومة العدالة البديلة لتكون أكثر استجابة لانتظارات المستثمرين الوطنيين والأجانب.
ومن زاوية مؤسساتية، أكد الأستاذ محمد أوماست، رئيس المركز، على دور “ثقافة الوساطة” في تخفيف العبء عن المحاكم، بينما ركزت الدكتورة مليكة الحيان، رئيسة نادي رواد الأعمال الدولي، على “عامل الزمن”، معتبرة أن سرعة الحسم في المنازعات هي العملة الصعبة التي يبحث عنها المستثمر.
لم تغب التجربة الميدانية عن النقاش، حيث استعرض أساتذة ومحامون من هيئة الدار البيضاء وأكادير (أحمد زركل، طارق مصدق، عبد الكبير طبيح.. وغيرهم) إشكالات التنفيذ والواقع العملي للوساطة في النزاعات التجارية، مما أغنى النقاش ببعد تطبيقي يلامس تحديات المهنة. كما أضفى الدكتور إبراهيم كومغار مسحة أكاديمية بربط النصوص بالاجتهاد القضائي الحديث.
في لحظة طبعتها أجواء الاعتزاز، اختُتمت الندوة بحفل رسمي لتوزيع الشواهد على خريجي الفوج الثاني من المحكمين والوسطاء. ويأتي تخرج هذا الفوج ليؤكد إصرار المركز المغربي للتحكيم وشركائه على تكوين كفاءات قادرة على تولي مهام الفصل في النزاعات المعقدة بكفاءة وحياد.
وفي كلمته الختامية حول “طرق الطعن والبطلان”، طمأن الأستاذ محمد أوماست الفاعلين الاقتصاديين بأن القانون 95-17 وضع ضمانات صارمة توازن بين استقلالية المحكم ورقابة القضاء، بما يضمن سيادة القانون.
خرج المشاركون في ندوة أكادير بخلاصة مفادها أن المغرب، ومن خلال القانون 95-17، قطع أشواطاً كبيرة في مأسسة “العدالة الرضائية”، مما يجعل من مدينة أكادير وجهة ليس فقط للاستثمار، بل كمنصة لتصدير الخبرة القانونية في مجال تسوية المنازعات.




