
مع انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم، حظي المغرب بفرصة جديدة لتعزيز إشعاعه السياحي والثقافي، باعتباره بلداً مضيفاً لحدث رياضي قاري يحظى بمتابعة إعلامية وجماهيرية واسعة. وقد شكل هذا الموعد، بالنسبة لعدد من الجهات والأقاليم، مناسبة لاستثمار الزخم القاري في التعريف بمؤهلاتها واستقطاب الزوار. غير أن إقليم اشتوكة أيت باها ظل، في نظر متابعين، خارج هذه الدينامية، في ظل غياب برنامج تواصلي أو ترويجي واضح من طرف المجلس الإقليمي للسياحة.
ويجمع فاعلون في المجال السياحي على أن كأس إفريقيا للأمم كان يمكن أن يشكل رافعة حقيقية للترويج الترابي، خصوصاً بالنسبة للأقاليم التي تتوفر على مؤهلات طبيعية وثقافية غير مستغلة بالشكل الكافي. وفي هذا السياق، يبرز إقليم اشتوكة أيت باها كمنطقة غنية بتنوعها البيئي، وشريطها الساحلي، ومجالها الجبلي، وموروثها الثقافي، وهي عناصر كان من الممكن إدماجها ضمن رؤية تواصلية موازية لهذا الحدث القاري.
غير أن غياب مبادرات ملموسة من طرف المجلس الإقليمي للسياحة يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى جاهزية هذه المؤسسة لمواكبة المحطات الوطنية الكبرى، وحول نجاعة آليات التنسيق والاستباق في تدبير الترويج السياحي محلياً، خاصة في ظل التحولات التي يعرفها القطاع على المستوى الوطني.
وفي المقابل، يؤكد عدد من المتتبعين أن الوضع الحالي لا يمكن عزله عن تراكمات سابقة في طريقة تدبير الشأن السياحي بالإقليم، مشددين على أن العامل الجديد للإقليم، بحكم حداثة تعيينه، لم تتح له بعد المدة الزمنية الكافية لتصحيح اختلالات متراكمة، أو إعادة توجيه بوصلة الفعل المؤسساتي في هذا المجال. ويذهب هؤلاء إلى القول إن معالجة هذه الأعطاب البنيوية تتطلب وقتاً ورؤية تشاركية تتجاوز الحلول الظرفية.
ويرى مهنيون أن إقليم اشتوكة أيت باها، في حال توفرت له حكامة فعالة ورؤية ترويجية واضحة، كان بإمكانه أن يتحول خلال فترة “الكان” إلى وجهة مكملة للمدن المستضيفة، وقبلة لزوار يبحثون عن تجارب سياحية بديلة تجمع بين الطبيعة والثقافة والمنتوج المحلي، على غرار ما تحقق في أقاليم أخرى نجحت في تثمين فرص مماثلة.
إن ما أفرزه سياق كأس إفريقيا للأمم لا ينبغي قراءته فقط كفرصة لم يتم استغلالها، بل كمؤشر يدعو إلى إعادة تقييم أدوار المجلس الإقليمي للسياحة، وتعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين، ووضع استراتيجية تواصلية قادرة على مواكبة الأحداث الكبرى واستثمارها في خدمة التنمية المحلية.
ويبقى الرهان اليوم معقوداً على المرحلة المقبلة، من أجل تصحيح المسار، وتدارك ما أمكن من التأخر، ووضع أسس عمل مؤسساتي أكثر نجاعة، بما يضمن لإقليم اشتوكة أيت باها موقعه المستحق ضمن الخريطة السياحية الوطنية، بعيداً عن منطق الفرص الضائعة، وقريباً من تطلعات الساكنة والفاعلين المحليين.



