
يشكّل المقطع الطرقي من سيدي بيبي إلى حدود إقليم تيزنيت، مروراً بأيت اعميرة وإنشادن وبلفاع وماسة، واحداً من أكثر المسارات دموية على الطريق الوطنية رقم 1، حتى بات السكان يختصرونه في وصف واحد: “محور الموت”. هذا اللقب لم يأتِ من فراغ؛ فالطريق التي تُعد الشريان الأساسي نحو الأقاليم الجنوبية تعرف ضغطاً مرورياً هائلاً بفعل الحركة التجارية والفلاحية والكثافة السكانية المتزايدة، ما يجعلها بيئة خصبة لحوادث سير تتكرر بوتيرة مقلقة. المعطيات شبه الرسمية خلال السنوات الثلاث الأخيرة تكشف عن منحى تصاعدي لافت في عدد الحوادث، أغلبها حوادث جسمانية مميتة، يتحمّل فيها العامل البشري النصيب الأكبر، يليه ضعف الحالة الميكانيكية للمركبات وتدهور أجزاء من البنية الطرقية، بينما يظل الراجلون الضحايا الأكثر عرضة للمأساة، ثم السائقون والركاب. الفاعلون المحليون يصفون ما يجري بأنه “مجزرة طرقية” يومية، تُغذّيها السرعة المفرطة وتهور بعض السائقين وضيق مداخل الدواوير وغياب المطبات والتشوير الكافي، إضافة إلى أخطار وسائل النقل الفلاحية والمواشي التي تتقاطع مع حركة السير. وتبرز جماعة إنشادن في صدارة المناطق الأكثر تضرراً، بحوادث شبه يومية وخسائر بشرية متواصلة، ما ولّد مطالب محلية ملحّة تدعو إلى توسيع المداخل، تأهيل الهوامش، إحداث مخفضات للسرعة، تقوية التشوير، وإضافة مدارات جديدة. ورغم أنّ بعض الجماعات عمدت إلى وضع إشارات طرقية وتزويد مدارات بالإنارة العمومية والتحضير لحواجز خاصة بالراجلين، إلى جانب مراسلات مرفوعة لوزارة التجهيز لإحداث مدارات إضافية، فإن الحصيلة اليومية ما تزال ثقيلة، تحصد أرواحاً وتخلّف أسرًا مكلومة، في انتظار تدخل مركزي حاسم وفعّال من الجهات المختصة—وفي مقدمتها وزارة التجهيز والماء—لإنهاء مسلسل نزيف الطرق وتحويل هذا المقطع من طريق قاتلة إلى مسلك آمن يليق بحجم حركة السير التي يعجّ بها.



