فوضى اللوحات الإشهارية… نزيف صامت يحرم الجماعات من ملايين السنتيمات

في خضم حملات تحرير الملك العمومي، وما أفرزته من نقاش واسع حول ضرورة احترام القانون، تبرز إلى الواجهة مسألة لا تقل خطورة: إنها الخسائر المالية الجسيمة التي تتكبدها الجماعات الترابية بسبب الفوضى المستشرية في استغلال اللوحات الإشهارية، في ظل تراخٍ في استخلاص الرسوم القانونية المستحقة عنها.

وحسب ما يُلاحظ ميدانياً، فإن عدداً من هذه اللوحات يتم سحبها بشكل مؤقت فور الإعلان عن خروج لجان المراقبة، ليُعاد تثبيتها مباشرة بعد مغادرتها، في سلوك يطرح أكثر من علامة استفهام حول جدية الزجر وفعالية المراقبة واستمراريتها. والأخطر من ذلك، أن بعض المخالفين أصبحوا على اطلاع مسبق وممنهج بتحركات اللجان، ما يُفرغ عمليات الإحصاء والمراقبة من مضمونها، ويفتح الباب واسعاً أمام شبهة التواطؤ أو التساهل في تطبيق القانون.

إن هذا الوضع المزري يحرم الجماعات من مداخيل مالية هامة تُقدّر بملايين السنتيمات سنوياً، كان من الممكن توجيهها لتحسين البنيات التحتية والخدمات الأساسية لفائدة الساكنة. كما أنه يُكرّس منطق الريع واللامساواة بين الملزمين، حيث يؤدي البعض ما عليه من واجبات ضريبية، بينما يتهرب آخرون منها دون أدنى محاسبة أو رقيب.

وأمام هذا الواقع، تبرز الحاجة الملحة إلى إرساء آليات صارمة ودائمة للمراقبة الإلكترونية والميدانية، وربط المسؤولية بالمحاسبة فعلياً، وتحديث قواعد المعطيات المتعلقة باللوحات الإشهارية، مع ضمان استخلاص الرسوم المستحقة بانتظام وشفافية، حمايةً للمال العام وترسيخاً لمبادئ العدالة الجبائية والمواطنة المسؤولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى