
منذ تولي العامل محمد الزهر مهامه على رأس عمالة إنزكان أيت ملول، بدأت ملامح مرحلة جديدة تتضح في المشهد المحلي، وهي مرحلة يبدو أنها تحمل في طياتها تحديات كبيرة وفرصًا حاسمة للإقليم. فقد كشفت الجلسات التشاورية الأولى دينامية غير مسبوقة، تمثلت في عودة لافتة لعدد من الوجوه التي كانت مُهمَّشة خلال المرحلة التي سبقت تعيين العامل الجديد.
صراع التموقع والاستفادة: شبح الماضي يعود
شهدت عودة هذه الوجوه محاولة واضحة لإعادة التموقع داخل دائرة القرار والتأثير، وهو سلوك ترافق معه بروز تنافس محموم، يوصف بأنه غير مُبرر على الظهور والاستفادة من الامتيازات. هذا التدافع يعيد إلى الأذهان أنماط التدبير القديمة التي غالبًا ما كانت تحيد عن الأهداف التنموية الرئيسية، وتركز على المصالح الشخصية أو الفئوية على حساب المصلحة العامة. إن هذا التنافس يشكل اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الفاعلين المحليين على تبني منطق التضحية والعمل الجماعي بعيدًا عن الحسابات الضيقة.
رسائل العامل: الانضباط والشفافية كمنهج
في المقابل، شكلت تحركات العامل محمد الزهر رسائل واضحة ومباشرة تهدف إلى وضع إطار عمل جديد لا يقبل التأويل. لقد حرص العامل على التأكيد على التزامه بنهج يقوم على الانضباط الصارم، والشفافية التامة، والاحترام المطلق للقانون.
هذه المقاربة لا تنفصل عن التوجيهات الملكية السامية في مجال الحكامة الترابية، والتي تضع ربط المسؤولية بالمحاسبة في صلب كل عمل إداري وسياسي. الرسائل الموجهة من أعلى هرم السلطة بالإقليم تؤكد على إرادة قوية لـطي صفحة الممارسات القديمة التي عطلت مشاريع تنموية سابقة وأفرغت العمل العمومي من محتواه الحقيقي.
منعطف حاسم: بين التنمية والانتكاسة
إن عمالة إنزكان أيت ملول تقف اليوم أمام منعطف حاسم. إما أن ينجح العامل الجديد في تثبيت أركان مسار جديد للتنمية، يعتمد على الحكامة الجيدة، ويقطع الطريق أمام محاولات استغلال النفوذ والامتيازات، وإما أن تعود العمالة إلى أنماط التدبير السابقة التي كانت سببًا في تعثر المشاريع التنموية وخلق حالة من الجمود.
إن المعركة اليوم ليست فقط مع المشاريع المتوقفة، بل هي معركة ثقافية وإدارية تتعلق بترسيخ مبدأ أن الخدمة العمومية هي مسؤولية وتكليف قبل أن تكون تشريفًا أو فرصة للاستفادة. ويتوقف مستقبل الإقليم التنموي على مدى قدرة الفاعلين المحليين -سياسيين، منتخبين، وفعاليات المجتمع المدني- على استيعاب رسائل العامل الجديد والانخراط بجدية في هذا النهج الإصلاحي. فهل ستنتصر إرادة الإصلاح والحكامة على جاذبية العودة إلى ممارسات الماضي؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.
A.Bout



