
مبادرة تجسد الاندماج والمواطنة وتؤكد أن حب الوطن يسكن كل القلوب
في أجواء يملؤها الفخر والانتماء، نظمت جمعية الخير للتوحد بمدينة أيت ملول احتفالًا مميزًا ومؤثرًا بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، تخليدًا لواحدة من أعظم صفحات التاريخ المغربي، واستجابةً لنداء الوطنية الذي يوحّد كل المغاربة على اختلاف فئاتهم.
تحولت شوارع أيت ملول، خلال هذه التظاهرة، إلى لوحة وطنية نابضة بالحياة، رسم تفاصيلها أبناء المدينة ببراءتهم وصدق مشاعرهم، وهم يرتدون قمصانًا حمراء تتوسطها شعارات وطنية، ويجوبون شوارع المدينة على متن سيارات وعربات مزينة بالأعلام والرايات المغربية. ارتفعت الأيادي الصغيرة وهي تلوّح بالعلم المغربي، فيما علت الابتسامات وجوه الأطفال تعبيرًا عن فرحة خالصة بهذا اليوم الخالد الذي يرمز إلى التضحية والوحدة والتلاحم بين العرش والشعب.
الاحتفال لم يكن مجرد تظاهرة رمزية، بل حمل رسالة إنسانية ووطنية عميقة، إذ شارك بعض الأطفال في المسيرة حاملين إلى جانب العلم المغربي العلم الفلسطيني، في تعبير صادق عن تضامن الشعب المغربي مع القضية الفلسطينية، وتأكيد على أن الوطنية المغربية لا تنفصل عن القيم الإنسانية والعدالة الكونية.
وقد شكلت هذه المبادرة لحظة مؤثرة لأسر الأطفال والأطر التربوية التي سهرت على تنظيم الحدث، لما عكسته من إرادة قوية في دمج الأطفال ذوي اضطراب التوحد في محيطهم الاجتماعي، ومنحهم فرصة المشاركة في التعبير عن انتمائهم للوطن بطريقتهم الخاصة، في تجسيد عملي لمبدأ “الوطن للجميع والجميع للوطن”.
وأكدت هذه المبادرة على الدور الريادي الذي تضطلع به جمعية الخير للتوحد، ليس فقط في مجال الرعاية والتأهيل، بل كذلك في غرس القيم الوطنية والمواطنة الصالحة في نفوس الناشئة، من خلال تربية مبنية على المشاركة والاحتفاء بالرموز الوطنية.
بهذه اللمسة النبيلة، أثبتت جمعية الخير للتوحد بأيت ملول أن الاحتفال بالمسيرة الخضراء لا يقتصر على الاستحضار التاريخي، بل يمتد ليصبح درسًا في الوعي والانتماء والإنسانية. فحب الوطن لا يُقاس بالكلمات، بل بالفعل، والدموع، والابتسامات التي تنبع من قلوب صافية مثل قلوب هؤلاء الأطفال الذين رسموا بأيديهم الصغيرة معنى الانتماء الكبير.



