ذكاء في التحايل أم تبذير ممنهج؟ رؤساء جماعات يتحايلون على الرقابة بكراء السيارات

شهد إقليم اشتوكة أيت باها، خلال الأيام الأخيرة، واقعة مثيرة للجدل بعد انقلاب سيارة تابعة لإحدى الجماعات الترابية في ظروف وصفت بـ”الغامضة”، تبين لاحقًا أنها كانت في حوزة رئيس الجماعة نفسه.
ووفق المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن الحادثة —التي جرى التكتم عليها بشكل كبير— تسببت في أضرار مادية بالسيارة الجماعية دون أن يتم الكشف للرأي العام عن ملابساتها أو طبيعة المهمة التي كانت السيارة تقوم بها ساعة وقوع الحادث.

التكتم… والرسالة العاملية التي لم تُفَعَّل بعد

الواقعة تأتي بعد فترة وجيزة من الرسالة العاملية الصارمة التي وجهها عامل الإقليم إلى رؤساء الجماعات، بخصوص ضرورة ضبط استعمال سيارات المصلحة الجماعية، والتقيد الصارم بالضوابط القانونية التي تمنع استعمالها لأغراض شخصية أو خارج أوقات العمل الإداري.
ورغم وضوح تلك التعليمات، إلا أن العديد من الوقائع الميدانية تؤكد استمرار مظاهر “التحايل” على القانون، في ظل ضعف المراقبة وضعف آليات المحاسبة داخل بعض الجماعات.

حيلة جديدة: كراء السيارات 

في مواجهة تزايد الرقابة، لجأ بعض رؤساء الجماعات، خصوصًا في المناطق الجبلية، إلى أسلوب جديد يتمثل في كراء السيارات لفترات طويلة (تصل إلى سنة كاملة أحيانًا)، في محاولة للالتفاف على القيود المفروضة على سيارات الجماعة الرسمية.
وبهذا الأسلوب، يتمكن بعض المنتخبين من التحرك بحرية تامة، داخل وخارج النفوذ الترابي للجماعة، دون أن يثيروا الانتباه، ما يجعل استعمال سيارات الكراء غطاءً مثالياً لقضاء المصالح الخاصة تحت ذريعة “مهام إدارية”.

بين هدر المال العمومي وغياب المحاسبة

تثير هذه الممارسات أسئلة جوهرية حول ترشيد النفقات العمومية داخل الجماعات القروية، خاصة في ظل محدودية الموارد المالية وارتفاع حاجيات الساكنة في مجالات الماء، الطرق، والتعليم.
فبين سيارات الكراء، ونفقات الوقود، وتكاليف الصيانة، يجد المواطن نفسه أمام واقع مفارق: ميزانيات تُهدر في التنقلات والامتيازات، بينما تظل الدواوير غارقة في العزلة.

دعوات لفتح تحقيق إداري

في ضوء هذه المعطيات، تتعالى أصوات داخل الإقليم تطالب بفتح تحقيق إداري عاجل في حادثة انقلاب سيارة الجماعة، لتحديد المسؤوليات وتوضيح الملابسات، خصوصًا وأن السيارة موضوع الحادث تعد من الممتلكات العمومية التي يفترض أن تخضع للمراقبة الدورية.
كما دعا عدد من الفاعلين الجمعويين والحقوقيين إلى تفعيل المراقبة الميدانية لاستخدام سيارات الجماعات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى لا يتحول المال العام إلى وسيلة لقضاء المصالح الخاصة تحت عباءة “الخدمة العمومية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى