
كشف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، هشام بلاوي، أن المرحلة الأولى من تفعيل قانون العقوبات البديلة أظهرت وجود تفاوت واضح في وتيرة التنزيل بين مختلف المحاكم بالمملكة، مبرزاً أن هذا التفاوت يتجلى بوضوح في عدد المقررات القضائية الصادرة بالعقوبات البديلة وتوزيعها الجغرافي.
وأكد بلاوي، في كلمة ألقاها أحمد والي علمي، رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية، نيابةً عنه، خلال الندوة الجهوية المنظمة اليوم الخميس بالدار البيضاء، بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن توحيد الفهم وتسريع اعتماد العقوبات البديلة أصبح ضرورة ملحة لإنجاح هذا الورش الإصلاحي الكبير.
وأضاف أن إصدار مقررات قضائية تعتمد العقوبات البديلة يُعد مؤشراً إيجابياً على انخراط السلطة القضائية في مستجدات السياسة الجنائية الوطنية، داعياً قضاة النيابة العامة إلى أن يكونوا “خلاقين ومبادرين” في تقديم ملتمسات واضحة لتفعيل هذه العقوبات أثناء مرافعاتهم في جلسات الحكم.
وأوضح أن بعض الحالات التي تتم معاينتها داخل المؤسسات السجنية تستدعي اقتراح استبدال العقوبة الحبسية بعقوبة بديلة، في إطار أحكام المادة 647-22 من قانون المسطرة الجنائية، لما لذلك من أثر إيجابي على إعادة إدماج المحكوم عليهم في محيطهم الاجتماعي.
وأشار رئيس النيابة العامة إلى أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة يمثل تحولاً نوعياً في فلسفة العقوبة بالمغرب، إذ نقلها من مفهوم “الردع والانتقام” إلى مفهوم “الإصلاح والتهذيب”، من خلال الحفاظ على توازن دقيق بين حقوق المحكوم عليه ومصالح الضحية ومتطلبات الأمن والنظام العام.
وأوضح بلاوي أن القانون يتيح أربعة أنواع من العقوبات البديلة، تشمل: العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية.
وأضاف أن النيابة العامة تضطلع بدور محوري في مختلف مراحل تطبيق القانون، بدءاً من التماس العقوبة البديلة خلال المحاكمة، مروراً بتيسير تنفيذها وتتبعها، وصولاً إلى مراقبة حسن تطبيقها، بما في ذلك إمكانية استبدال العقوبة الحبسية النهائية بعقوبة بديلة في بعض الحالات.
كما ذكّر بلاوي بأن رئاسة النيابة العامة كانت قد وجهت دورية رقم 18/2024 بتاريخ 11 دجنبر 2024 إلى مختلف النيابات العامة، تدعو من خلالها إلى الانخراط الجدي في إنجاح ورش العقوبات البديلة وتفعيل مقتضيات القانون الجديد بروح من المسؤولية والمبادرة.
وأشار إلى أن رئاسة النيابة العامة واكبت جميع اللقاءات التنسيقية المتعلقة بتنزيل القانون رقم 43.22، وساهمت في اجتماعات اللجان الموضوعاتية الأربع المحدثة عقب الاجتماع رفيع المستوى الذي ترأسه رئيس الحكومة لإعداد مخطط التنزيل العملي للقانون.
وفي السياق ذاته، أعلن بلاوي أن رئاسة النيابة العامة أعدت دليلاً استرشادياً لقضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة، جرى تعميمه خلال شهر غشت الماضي، كما تم نشره في الموقع الإلكتروني للمؤسسة ليشكل مرجعاً عملياً موحداً يسهم في حسن تطبيق أحكام القانون.
ودعا رئيس النيابة العامة قضاة النيابات العامة إلى مناقشة التحديات العملية المرتبطة بتنزيل العقوبات البديلة خلال هذه الندوة الجهوية المنظمة تحت شعار:”العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية: المقاربة التشاركية مفتاح أساسي لتطبيق أمثل للقانون رقم 43.22″، مؤكداً أن الهدف هو الخروج بتوصيات عملية تعزز عقلنة الأداء وتبسيط المساطر وتكرّس مبادئ الحكامة الجيدة والعدالة الإصلاحية.



