عودة الجدل حول الساعة الإضافية بالمغرب.. دعوات إلى مراجعة القرار بعد التحرك الإسباني الأوروبي

من جديد، يعود النقاش حول الساعة الإضافية بالمغرب إلى الواجهة، بعد إعلان الجارة الشمالية إسبانيا تحركها داخل الاتحاد الأوروبي لإلغاء العمل بالتوقيت الصيفي، وهو ما أعاد الجدل الداخلي بشأن جدوى استمرار المغرب في اعتماد التوقيت الصيفي الدائم (GMT+1).

ويرى حقوقيون أن أي خطوة أوروبية في هذا الاتجاه ستجعل المغرب، بحكم ارتباطه الاقتصادي الوثيق بإسبانيا والاتحاد الأوروبي، أمام خيار مماثل، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات التي طالت القرار منذ اعتماده سنة 2018.

قرار إداري دون تشاور

في هذا السياق، قال عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن “اعتماد التوقيت الصيفي الدائم في المغرب كان قرارًا إداريًا أحاديًا، لم يُراع فيه لا راحة المواطنين ولا سلامتهم، ولم تُستشر بشأنه الفاعلون الاجتماعيون والحقوقيون”.

وأضاف أن “القرار خلف انعكاسات سلبية واضحة على الحياة اليومية والصحة العامة، ولاسيما على الفئات الهشة، مثل التلاميذ والعمال والعاملات في المناطق القروية وشبه الحضرية”، مشيرًا إلى أن مرور أكثر من سبع سنوات على تطبيقه لم يُفضِ إلى أي تقييم علمي مستقل وشفاف يثبت تحقيق النجاعة الطاقية التي كانت مبرره الرسمي.

وأكد الخضري أن “الشهادات الميدانية والدراسات الاجتماعية أظهرت أن القرار أربك التوازن الزمني للأسر، وتسبب في اضطرابات في أوقات العمل والدراسة، بل وأدى إلى حوادث مأساوية بسبب التنقل في الظلام خلال الساعات الأولى من الصباح”.

انتقادات لغياب المقاربة التشاركية

واعتبر الحقوقي ذاته أن “هذا الوضع يمثل مساسًا بحق المواطنين في احترام ساعتهم البيولوجية الطبيعية، التي تعد عاملًا أساسيًا لتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي”، مضيفًا أن “غياب المقاربة التشاركية في صياغة القرار يعكس خللًا في منهجية إعداد السياسات العمومية المؤثرة في الحياة اليومية للمغاربة”.

وأشار إلى أن “التحرك الإسباني نحو مراجعة التوقيت الموحد بين دول أوروبا يعكس نضجًا ديمقراطيًا واستماعًا لإرادة المواطنين، في حين ما زال القرار في المغرب يُتخذ من أعلى دون حوار مجتمعي أو تقييم دوري”، داعيًا الحكومة المغربية إلى مراجعة المرسوم رقم 2.18.855 الذي أقرّ الإبقاء على التوقيت الصيفي الدائم.

“الزمن حق إنساني”

وأوضح الخضري أن “احترام الإرادة الشعبية في هذه القضية واجب ديمقراطي وأخلاقي، ويقتضي فتح نقاش وطني واسع تشارك فيه النقابات والجمعيات والعلماء والأطباء والتربويون، من أجل العودة إلى التوقيت الطبيعي للمملكة (GMT) الذي ينسجم مع الخصوصية الجغرافية والإنسانية للمغرب”.
وختم تصريحه بالقول: “الزمن ليس مجرد قرار إداري، بل هو حق إنساني جماعي ينظم إيقاع الحياة اليومية، وأي إخلال به دون تشاور هو إخلال بالحق في العيش بكرامة وأمان”.

آثار اجتماعية ونفسية واقتصادية

من جهته، أكد إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن “الساعة الإضافية كانت لها آثار اجتماعية ونفسية واقتصادية مباشرة على المواطنين، تمس استقرارهم الأسري والمهني”، مضيفًا أن “الحكومة المغربية فرضت القرار بشكل أحادي، دون الاستماع إلى الجمعيات الحقوقية أو نبض الشارع الرافض له”.

وأوضح السدراوي أن “التجربة أثبتت أن التوقيت الصيفي الدائم لا يحقق أي مكاسب طاقية حقيقية، بل يتسبب في اضطراب يومي وإرهاق جماعي، ويضر بحق المواطنين في الراحة الجسدية والتوازن الأسري”.

ودعا الحكومة إلى إعادة النظر في القرار تماشياً مع التحركات الأوروبية، معتبرًا أن “التخلي عن التوقيت الصيفي الدائم سيكون خطوة نحو احترام الحق في الرفاه والصحة النفسية والاجتماعية، وتجسيدًا لمبدأ المشاركة في اتخاذ القرار العمومي”.

وختم السدراوي حديثه بالتأكيد على ضرورة “فتح نقاش وطني شفاف ومسؤول حول نظام الساعة القانونية بالمغرب، قائم على أسس علمية وحقوقية، بعيدًا عن المقاربات التقنية الضيقة التي تتجاهل الإنسان في قلب القرار”.

🕐 في المحصلة، يعيد التحرك الإسباني النقاش المغربي إلى نقطة البداية: هل حان الوقت لتصحيح “خلل الساعة” والعودة إلى الزمن الطبيعي للمملكة؟
سؤال ينتظر جوابًا سياسيًا يعيد التوازن بين حاجات الاقتصاد وراحة الإنسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى