قرارات مجلس الدشيرة: سخاء في الدعم وبؤس في الخدمات

في خضم أزمة معيشية خانقة تشد الخناق على المواطنين، وتزايد في معدلات الأسعار، وتدهور ملحوظ في جودة الخدمات الأساسية من نظافة وبنية تحتية، اهتزت مدينة الدشيرة الجهادية على وقع قرار صادم لمجلسها الجماعي، أثار موجة غضب عارمة واستنكارًا واسعًا في صفوف الساكنة والفعاليات المدنية.

القرار الذي أشعل فتيل الأزمة يتعلق برفع قيمة الدعم المالي المخصص لفريق أولمبيك الدشيرة لكرة القدم ليصل إلى مبلغ 4 ملايين درهم. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل صادق المجلس أيضًا على زيادة دعم الجمعية الاجتماعية لموظفي الجماعة ليصل إلى مليون درهم. هذه الأرقام الضخمة، في سياق اجتماعي صعب، لم تُقابل إلا بوصف واحد من قبل المتتبعين والمهتمين بالشأن المحلي: “هدر للمال العام” وتعبير صارخ عن انفصال المجلس عن الأولويات الحقيقية للساكنة.

استفزاز في زمن الأزمة
لقد وصفت الفعاليات الجمعوية والحقوقية المحلية القرار بـ”الاستفزاز المباشر” لمشاعر المواطنين الذين ينتظرون بصبر تحسينًا جذريًا في أوضاع مدينتهم. المواطن في الدشيرة، الذي يعاني يوميًا من سوء خدمات النظافة وضعف البنية التحتية المتآكلة، يرى في إنفاق الملايين على فرق رياضية وجمعيات داخلية “إهدارًا غير مبرر” لماله العام.

التساؤل الذي يطرحه الشارع اليوم بمرارة هو: كيف يمكن تبرير ضخ 4 ملايين درهم في دعم رياضي، ومليون درهم لجمعية موظفين، بينما تبقى متطلبات المواطن الأساسية لعيش كريم (النظافة، الطرق، الإنارة، الصحة) في قائمة الانتظار؟ الأنشطة الرياضية والاجتماعية، مهما كانت أهميتها، تبدو كـ”ترف” في نظر الساكنة عندما لا تنعكس إيجابًا ومباشرة على تحسين حياتهم اليومية ورفع كرامتهم المعيشية.

دعوة للنقاش وربط التمويل بالتنمية
أمام هذا الوضع، علت أصوات الفاعلين المحليين داعية إلى إجراء نقاش عمومي صريح وشفاف حول طريقة صرف الدعم وتقييم حقيقي لجدواه وأثره على المصلحة العامة. هذه الدعوات تطالب بوضع حد لما يعتبرونه “عشوائية” في توزيع الأموال، وتشير بأصابع الاتهام إلى غياب الرؤية التنموية الواضحة في قرارات المجلس.

المطلب الأساسي الذي تبلور في خضم هذا الغضب هو ربط أي تمويل مستقبلي بمشاريع تنموية واضحة وملموسة تخدم المصلحة العامة بشكل مباشر. هذا التوجه يهدف إلى تحويل الدعم المالي من مجرد “إنفاق” إلى “استثمار” يعود بالنفع على المدينة كلها، من خلال تمويل مشاريع تحسين البنية التحتية، أو دعم برامج اجتماعية واقتصادية تخفف من حدة الأزمة المعيشية.

اليوم، يترسخ السؤال المحوري في الدشيرة الجهادية ويُلخص الأزمة برمتها: هل أصبحت كرة القدم والجمعيات الداخلية أولوية أهم بالنسبة للمجلس من كرامة المواطن وخدمات المدينة الأساسية؟ إن الإجابة على هذا السؤال من شأنها أن تحدد مسار العلاقة بين المجلس وساكنته في الأيام القادمة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى