ائتلاف الجنوب للمنظمات وهيئات حقوق الإنسان: إدانة صريحة للعنف في احتجاجات “جيل زد” بسوس ماسة.

شهدت جهة سوس ماسة موجة احتجاجات واسعة قادتها حركة “GenZ212” الشبابية، عكست احتقاناً اجتماعياً وشعبياً عميقاً سببه تنامي مشاكل القطاعات الحيوية، وعلى رأسها الصحة والتعليم والتشغيل، فضلاً عن استياء الشباب من ضعف آليات الحوار والمشاركة الممنوحة لهم.

وقد أثار تقرير “الرصد الحقوقي” الصادر عن ائتلاف الجنوب للمنظمات وهيئات حقوق الإنسان ضجة واسعة، حيث كشف التقرير عن تحول هذه الاحتجاجات، في مدن مثل إنزكان، آيت عميرة، تيزنيت، أكادير، وأولاد تايمة ، من طابعها السلمي المفترض إلى
أعمال عنف وتخريب ونهب ممنهج، مما أسفر عن خسائر مادية وبشرية جسيمة.

إنزكان: بؤرة الفوضى والاعتداء على الممتلكات
كانت مدينة إنزكان البؤرة الأشد عنفاً، حيث وثق الرصد الحقوقي ليلة 30 شتنبر 2025 أعمال شغب خطيرة. وتضمنت هذه الأعمال:
النهب والتخريب: أقدم بعض المحتجين على اقتحام محلات تجارية لبيع الحلي والمجوهرات وقاموا بنهبها.
إحراق المنشآت: تم إضرام النار في وكالة بريد المغرب ، ومقهى “شهرزاد” وصيدلية “الساحة”، كما تم اقتحام وكالة بنكية وتخريب واجهتها.
الخسائر الأمنية والمدنية: أدت المواجهات إلى إصابة أكثر من 60 عنصراً من القوات العمومية بجروح متفاوتة، وتخريب وإحراق 3 مركبات أمنية و4 سيارات خاصة.
وفي آيت عميرة و تيزنيت، تكرر السيناريو ذاته، حيث تم إحراق وتكسير نحو 12 سيارة تابعة للقوات العمومية في آيت عميرة ، وتعرضت جميع الوكالات البنكية لأضرار متفاوتة. كما شهدت أكادير أعمال تخريب واسعة شملت واجهات الإقامات السكنية والمؤسسات البنكية، بالإضافة إلى محاولات لـ ترويع السياح الأجانب على الشاطئ.

الحقوق بين الدستور والقانون التنظيمي
أكد الائتلاف الحقوقي على أن المتظاهرين استندوا في تحركاتهم إلى الحق في التظاهر السلمي المكفول دستورياً ودولياً. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن معظم الاحتجاجات كانت
غير مرخصة ولم تكن على شكل “وقفات”، مما أخرجها عن الإطار القانوني المنظم للتجمعات العمومية.
وبناءً عليه، شدد ائتلاف الجنوب على موقفه الحقوقي الذي يدين صراحة كل أشكال العنف والتخريب والنهب، معتبراً أن تحويل الاحتجاج السلمي إلى وسيلة للاعتداء على حقوق الآخرين هو “خرق للقانون ومساس خطير بالأمن العام”.

تحديات المقاربة الأمنية وغياب الحوار الاستباقي في تقييمه لتدخل السلطات الأمنية، أشاد التقرير بـ ضبط النفس” الذي سُجل في المراحل الأولى ، والذي ساهم في تقليل حجم الإصابات في صفوف المدنيين. لكنه وجه انتقادات لـ:
تأخر التدخل الحاسم: حيث جاءت التدخلات في بعض المدن متأخرة نسبياً، ولم يتم الحسم في الوضع إلا بعد تفاقم أعمال التخريب وإلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات العامة والخاصة.
غياب الحوار الاستباقي: سجل الائتلاف غياب آليات استباقية للحوار والتواصل مع المحتجين، مما جعل المقاربة الأمنية في كثير من الأحيان الوسيلة الوحيدة للسيطرة على الوضع.
وفي محاولة لرسم خارطة طريق للمستقبل، قدم الائتلاف سلسلة من التوصيات الحازمة، تضمنت ضرورة:
إرساء قنوات مؤسساتية للتواصل المباشر مع الشباب للاستماع لمطالبهم قبل تحولها إلى احتجاجات عفوية.
وضع آلية خاصة لتعويض المتضررين من التجار والمواطنين الذين لحقت بممتلكاتهم خسائر جسيمة.
إطلاق حوار شبابي محلي ومؤطر لتفادي انتقال الاحتجاجات إلى الشارع بشكل غير منظم.
ويؤكد التقرير في خلاصته أن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد التوازن بين حماية الحقوق والحريات وصون النظام العام، وهو خيار استراتيجي يتطلب مقاربة شمولية قائمة على الحوار والتأطير المسبق.

ائتلاف الجنوب للمنظمات وهيئات حقوق الانسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى