برلماني في مرمى “النيران الصديقة”: قراءة في تدخلات خالد الشناق

في زمن التماهي مع السلطة والانصياع لأوامر التحالفات، يبرز البرلماني خالد الشناق، نائب حزب الاستقلال عن دائرة إنزكان آيت ملول، كصوت مختلف داخل قبة البرلمان، يزعج الساكن في رتابة السلطة، ويفتح الملفات المسكوت عنها بشجاعة، دون أن تغريه المساومة أو يسجنه الانتماء الحزبي.

منذ انتخابه، اختار الشناق أن يمارس وظيفته الرقابية والتشريعية من منطلق الانحياز لمصالح المواطنين، لا لمراكز القرار، فكانت مداخلاته وأسئلته البرلمانية انعكاسًا حقيقيًا لواقع يعاني التهميش والتجاهل. وتنوعت مجالات تدخله، من ملفات الصحة والتعليم والتعمير، إلى قضايا الهجرة، الفساد، واستغلال النفوذ، مؤكدًا أن التغيير لا يأتي من المكاتب المكيفة، بل من الاحتكاك اليومي بهموم الناس.

حامي مصالح الفلاحين.. لا صوت يعلو فوق معاناة البادية
في ملف فلاحي شائك، دق الشناق ناقوس الخطر حول كارثة سبت الكردان، محذرًا من إفلاس آلاف الفلاحين بعد قرار وقف مياه سد أولوز. انتصر في تدخله للفلاحين الصغار والمتوسطين، الذين تم تجاهلهم لصالح الأعيان والمستفيدين من اقتصاد الريع، مبرزًا أن الأزمة تهدد الأمن الغذائي المحلي، ومتهمًا وزارة الفلاحة بالتقاعس. هذا التدخل كان بمثابة صفعة قوية لسياسات تُعمق الفوارق الطبقية بدل السعي لتقليصها.

نقد من الداخل.. حين يُصبح الولاء للمواطن لا للتحالف
رغم انتمائه لحزب داخل الأغلبية الحكومية، لم يتردد الشناق في انتقاد الأداء الحكومي، معتبرًا أن السياسات المتبعة فاشلة في التصدي للهجرة السرية وارتفاع البطالة. في تدوينة لاقت انتشارًا واسعًا، اتهم الحكومة باللامبالاة بالتقارير الرسمية وبتكميم الأفواه، موجهاً تحذيراً صريحًا من مغبة تجاهل مؤشرات تفكك التماسك الاجتماعي.

ولم يكن الشناق وحده، بل انضمت أصوات استقلالية أخرى إلى مسار النقد، في مقدمتهم عبد الرحيم بوعيدة، ما يعكس تصدعًا داخل صفوف الأغلبية. لكن الشناق ذهب أبعد، بربط التراجع في مؤشر الفساد العالمي بسياسات الحكومة، مطالبًا بإجراءات ملموسة بدل الشعارات.

صوت العدالة الاجتماعية.. من الباعة المتجولين إلى العمال العرضيين
اهتمام الشناق لم يقتصر على القضايا الكبرى، بل امتد لليومي والمعاش. فقد وجه أسئلة مباشرة لوزير الداخلية بشأن الباعة المتجولين الذين يعيشون في هامش القانون والدولة، مطالبًا بخلق فضاءات قانونية تحفظ كرامتهم. كما طالب بإنصاف العمال العرضيين الذين يخدمون الجماعات الترابية دون أمان وظيفي أو حماية اجتماعية، مقترحًا إدماجهم وفق منظور قانوني عادل.

حين يُسائل الشناق الحكومة عن ملفات فساد وتستر
في سياق محاربة الفساد، طالب النائب البرلماني بالكشف عن ملابسات “سطو” شركة عقارية على عقارات مخصصة لمرافق عمومية بأيت ملول، داعيًا وزارة الإسكان إلى حماية الملك العمومي.

كما دخل على خط شبهات تسييس الجامعة المغربية، بعد تداول معطيات حول استغلال عميد كلية أيت ملول لمنصبه في حملة استقطاب حزبي، مما دفعه إلى المطالبة بفتح تحقيق لضمان استقلالية المؤسسات الأكاديمية.

من قضية طفلة إلى حي الحرفيين.. النائب الذي يلاحق العدالة
برز اسم الشناق بقوة في قضية وفاة الطفلة في مصحة بأكادير، حيث ساهم سؤاله البرلماني في تحريك المتابعة القضائية. لم يكتف بالمطالبة بالتحقيق، بل شدد على ضرورة إنهاء الاستهتار بأرواح المواطنين داخل المصحات الخاصة.

وفي مجال التعمير، نبه إلى تحريف التصميم الأصلي لمشروع حي الحرفيين بأيت ملول، محذرًا من إقصاء مهنيين لصالح “مركز خدمات” مجهول الهوية، وداعيًا إلى إعادة المشروع إلى سكته الأصلية.

في الميدان.. الشناق حاضر مع قواعده
ميدانيًا، يحرص الشناق على حضور اللقاءات التواصلية والدورات التنظيمية الحزبية، من الدشيرة الجهادية إلى القليعة وإنزكان، مشاركًا في نقاشات حقيقية حول التماسك الاجتماعي، الديمقراطية التشاركية، والعدالة المجالية. هذه اللقاءات كانت فرصة لتعزيز العلاقة بالمواطنين، وتجديد النخب، وتكريس ثقافة المحاسبة.

البرلماني الذي أربك الصمت
خالد الشناق ليس مجرد رقم داخل البرلمان، بل صوت يربك الصمت ويفتح الملفات المغلقة. نزع عنه عباءة المهادنة، واختار طريقًا صعبًا عنوانه الانتصار للمستضعفين، لا لموازين القوى. ومهما اختلفت معه أو اتفقت، لا يمكنك إنكار أنه واحد من القلائل الذين ما زالوا يتحدثون بلسان الشعب، في زمن بات فيه الصمت هو القاعدة والكلام استثناء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى