
أثارت التدوينة التي نُشرت مؤخراً على الصفحة الرسمية لجماعة إنزكان بشأن مشروع قنطرة النخيل نقاشاً حاداً بين المجلس الجماعي الحالي والرئيس السابق أحمد أدراق، حيث تبادلت الأطراف اتهامات تتعلق بتسييس التواصل المؤسساتي وتحوير الوقائع التاريخية المرتبطة بالمشروع.
جماعة إنزكان: تفنيد الإشاعات وتأكيد الإنجاز
في بيان اعتبرته “توضيحاً هاماً”، أكدت جماعة إنزكان أن المعلومات المتداولة بشأن قدم مشروع قنطرة النخيل تعكس “مغالطات” تم الترويج لها، مشيرة إلى أن الاتفاقية السابقة قد تم إلغاؤها فعلياً، وأن المشروع بشكله الحالي هو نتاج تدخل مباشر للمجلس الجماعي الحالي برئاسة رشيد المعيفي. وأبرز البيان أن الاتفاقية الجديدة تم توقيعها وفق المساطر القانونية، وبمشاركة عامل عمالة إنزكان أيت ملول، السيد إسماعيل أبو الحقوق، إلى جانب مختلف الشركاء المؤسساتيين.
ولتدعيم هذه الرواية، أرفقت الجماعة توضيحها الرسمي بصور لتوقيعات الاتفاقية الجديدة، ووثائق التحويلات المالية التي تؤكد ـ حسب قولها ـ مساهمة المجلس الحالي في التمويل وتتبع الأشغال إلى حين اكتمالها. وختم البيان بشكر خاص لكل من ساهم في إنجاز المشروع، مع دعوة عموم المواطنين إلى تحري الدقة والاعتماد على المصادر الرسمية.
رد الرئيس السابق: رفض استغلال الصفحة الرسمية لأغراض سياسية
في المقابل، رد الرئيس السابق للجماعة وعضو المجلس الحالي، أحمد أدراق، بتصريح مقتضب لكنه حاد اللهجة، أعرب فيه عن “أسفه” لاستخدام الصفحة الرسمية للجماعة لنشر مواقف وصفها بـ”الشخصية والسياسية” لرئيس المجلس الحالي. وأكد أدراق أنه كان سيتفهم نشر مثل هذا المحتوى في صفحة شخصية، لكنه اعتبر استخدام المنصة الرسمية “تجاوزاً غير مقبول” يمسّ حياد المؤسسات ويمثل استغلالاً غير مشروع لصلاحيات الرئيس.
وحول مضمون البيان المتعلق بالقنطرة، اكتفى أدراق بالتلميح إلى أنه سيُصدر رداً مفصلاً مدعوماً بالوثائق، مع دعوته لرئيس المجلس إلى “الترفع” والتقيد بأخلاقيات العمل السياسي والمؤسساتي.
بين التواصل المؤسساتي والتنافس السياسي
تسلّط هذه الواقعة الضوء على الإشكال المتكرر في تدبير صفحات المؤسسات العمومية، خاصة في السياقات التي يسودها التنافس السياسي الداخلي. فبينما يرى البعض أن من حق الرئاسة تسليط الضوء على منجزاتها، يحذر آخرون من خطورة تحويل الصفحات الرسمية إلى منصات لترويج مواقف شخصية أو انتخابية.
وفي انتظار الرد الوثائقي الذي وعد به أحمد أدراق، يظل الرأي العام المحلي مدعواً إلى متابعة الملف بوعي، والتمييز بين البلاغات المؤسساتية الحيادية والخطابات التي قد تُستغل لأهداف ضيقة.
مشروع قنطرة النخيل، باعتباره ورشاً تنموياً مهماً لساكنة إنزكان، لا ينبغي أن يتحول إلى موضوع تجاذب سياسي بقدر ما يفترض أن يكون نقطة التقاء بين مختلف الفاعلين. غير أن استمرار تبادل الاتهامات بين مكونات المجلس الجماعي قد يعمّق الهوة بين المنتخبين ويضعف ثقة المواطن في العمل الجماعي، ما يستدعي العودة إلى خطاب مسؤول يضع الصالح العام فوق كل اعتبار.