أيت ملول تغلي: صراعات سياسية تُجمد التنمية والساكنة تُحمّل المجلس مسؤولية “الشلل”

تعيش جماعة أيت ملول، التابعة لعمالة إنزكان أيت ملول، على صفيح ساخن نتيجة تفاقم صراعات داخلية حادة بين مكونات مجلسها الجماعي، وهو ما أدى إلى حالة شلل شبه تام في تدبير الشأن المحلي وتوقيف عدد من المشاريع التنموية الحيوية، حسب ما أكده فاعلون محليون ومتتبعون للشأن العام.

مصادر من داخل المجلس كشفت لـ”الرأي 24″ أن الأزمة بلغت ذروتها خلال الأسابيع الأخيرة، بعد مراسلة رسمية وجهها ثلاثة من الأعضاء إلى عامل الإقليم، إسماعيل أبو الحقوق، دقوا فيها ناقوس الخطر حول ما وصفوه بـ”الاختلالات والتسيير الانفرادي لرئيس المجلس”، مطالبين بتدخل عاجل لـ”وقف العبث” الذي يهدد مستقبل المدينة وساكنتها.

تهميش وتسيير انفرادي
يرى متابعون أن رئيس المجلس يمارس نوعاً من “التفرد في اتخاذ القرار” دون إشراك مكونات المجلس من معارضة وأغلبية، وهو ما أدى إلى تعثر مشاريع مبرمجة لفائدة أحياء كبرى، كان من شأنها أن تحسن ظروف العيش وتساهم في التنمية المحلية. ويرى هؤلاء أن “الأغلبية العددية استُغلت لتمرير أجندات شخصية، بعيدا عن منطق التشاركية والشفافية”.

السكان: “دفعنا الثمن”
في الأحياء، الواقع أكثر قسوة. فالطرقات غير معبدة، والإنارة العمومية منعدمة في عدد من الشوارع الحيوية، وملفات ربط الأحياء الجديدة بالماء والكهرباء تراوح مكانها. “نحن نتابع أخبار المجلس على الفيسبوك، لكن الواقع يقول شيئاً آخر”، يقول أحد سكان حي المزار، مضيفاً: “الشجارات لا تبني طرقاً، ولا تنير الأزقة”.

السوق البلدي “أركانة”: صورة صارخة للفشل
أحد أكثر الأمثلة الصارخة على تعطل المرافق العمومية يظهر في وضع السوق البلدي “أركانة”، الذي تحول إلى رمز للإهمال وسوء التسيير. فوضى عارمة، احتلال تام للملك العمومي، ورفض غير مبرر لتطبيق القرار التنظيمي الخاص بالأسواق، رغم كونه قانوناً ملزماً. والنتيجة: “مئات الملايين من الدراهم تضيع على الجماعة كل سنة، كانت ستُستثمر في البنية التحتية لو توفرت الإرادة”، بحسب ما جاء في تدوينات نشطاء محليين.

حفَر ومزبلة وشوارع في ظلام
مشاهد النفايات المتراكمة، الحفر التي ابتلعت سيارات وشاحنات في أحياء كـ”أملاك سوس” و”المزار”، والانقطاعات المتكررة في الإنارة العمومية، صارت عناوين يومية لحياة المواطن الملولي. وتتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات للاحتجاج، تدعو للتدخل العاجل، وبعضها يطالب برحيل الرئيس ومحاسبة طاقم المكتب المسير، بمن فيهم مسؤولو المرافق العمومية والشرطة الإدارية.

نداء المجتمع المدني
في ظل هذا الوضع المتدهور، تتصاعد دعوات من المجتمع المدني ومنتخبين سابقين، تطالب بفتح تحقيق رسمي في “مدى احترام الجماعة للقوانين التنظيمية”، خاصة في ما يتعلق بالتشاركية وتوزيع المشاريع بشكل عادل، وبتدخل مباشر من عامل الإقليم لتصحيح المسار.

سؤال اللحظة: هل من تدخل وشيك؟
كل المؤشرات تشير إلى أزمة بنيوية في تدبير الشأن المحلي بأيت ملول. وبين سطور الغضب الشعبي، تتكرر دعوات موجهة إلى وزارة الداخلية لإيفاد لجنة تفتيش مركزية، قد تكون كفيلة بوقف “النزيف التنموي”، وإعادة قطار المدينة إلى سكته الصحيحة.

فإلى متى تستمر الحسابات الشخصية في تعطيل مصالح أكثر من ربع مليون مواطن؟ وهل يكون عامل الإقليم إسماعيل أبو الحقوق في الموعد لفرض الانضباط وإنقاذ المدينة من هذا “الانهيار الهادئ”؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى