
أكد رئيس مجلس المنافسة، خلال مشاركته في اللقاء الثاني من سلسلة “مقهى المواطنة” الذي نظمته حركة المواطنون في الدار البيضاء يوم 13 من الشهر الجاري، أن المجلس لم يتهاون قط مع شركات المحروقات العاملة في المغرب. وأوضح أن المجلس فرض أقصى العقوبات على الشركات التي ثبت تورطها في ممارسات مخالفة للقانون وتواطؤات أضرت بالقدرة الشرائية للمواطنين المغاربة، وخاصة الفئات ذات الدخل المحدود والمتوسط.
وخلافًا لما يتم تداوله في وسائل الإعلام المغربية، سواء الورقية أو الإلكترونية، شدد رئيس المجلس على أن المجلس كان حازمًا في تعامله مع شركات المحروقات التسع، وهو ما يظهر جليًا في الغرامات المالية التي فرضها عليها بعد انتهاء التحقيقات الميدانية. وأضاف أن المجلس يراعي مبدأ العقلانية عند فرض العقوبات على الشركات الكبرى، بهدف الحفاظ على استمرارية نشاطها وتوفير فرص العمل للشباب المغربي، مشيرًا إلى أن العقوبات المبالغ فيها قد تضر بالشركات والعاملين فيها.
ومع ذلك، يجب التوضيح أن الغرامات المالية التي فرضها مجلس المنافسة على شركات المحروقات لا تعتبر عقوبات بالمعنى الكامل للكلمة، بل هي جزء من الأموال التي جنتها هذه الشركات نتيجة للتلاعب بالأسعار والممارسات المخالفة لشروط المنافسة. وبالتالي، فإن تبرير رئيس المجلس في الندوة المذكورة غير دقيق، فالمطالبة باسترداد الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة لا يعني بالضرورة فرض عقوبة.
وفي هذا السياق، صرح الدكتور عبد الله بوانو، رئيس المهمة الاستطلاعية حول أسعار المحروقات، في تصريح صحفي بتاريخ 16 ماي 2018، أن الشركات طلبت من الحكومة، خلال تحديد تركيبة الأسعار في عام 2015، تحديد الأسعار مع الأخذ في الاعتبار جميع التكاليف وتحديد هامش ربح لكل من البيع بالجملة والتجزئة. وأوضح أن الفرق بين الأسعار التي حددتها الحكومة والأسعار التي تبيع بها الشركات، وفقًا لبيانات الحكومة وإدارة الجمارك ومكتب الصرف، يصل إلى درهم واحد لكل لتر من المحروقات، وإذا أخذنا في الاعتبار أن حجم الاستهلاك يبلغ 6.5 مليون طن، فإن ذلك يعني أرباحًا إضافية بقيمة 7 مليارات درهم في عام واحد فقط. وأشار إلى أن أرباح إحدى الشركات تضاعفت ثلاث مرات في المغرب، بينما تسجل خسائر في الخارج، حيث ارتفعت أرباحها من 300 مليون درهم إلى 900 مليون درهم بين عامي 2015 و2016، نتيجة لتحرير أسعار المحروقات. وهذا يعني أن الشركات المتواطئة قد تكون حققت أرباحًا إضافية تصل إلى أكثر من 50 مليار درهم بحلول عام 2023، وتمت مطالبتها باسترداد جزء يسير منها فقط.
كما أن قول رئيس مجلس المنافسة بأن المجلس يسعى إلى فرض عقوبات مالية ذات طابع زجري، ويتجنب إنهاء نشاط الشركات، لأن الغرامات الثقيلة قد تؤدي إلى إغلاقها، لا ينطبق على الأموال المغتصبة. قد يكون هذا صحيحًا في حالة العقوبات، ولكنه غير وارد في حالة المطالبة باسترداد الحقوق.
وللتذكير، فقد كشف مجلس المنافسة في 23 نونبر 2023 أن الشركات التسع العاملة في أسواق التموين والتخزين وتوزيع البنزين والديزل، بالإضافة إلى الجمعية المهنية الممثلة لها، ستدفع مبلغ 1.84 مليار درهم كتسوية تصالحية لجميع الشركات ومنظمتها المهنية، بعد أن وجه إليها المجلس اتهامات بممارسات مخالفة للمنافسة في غشت 2023.
وتتعلق المخالفات بممارسات منافية للمنافسة الحرة، تشمل التنسيق في الأسعار، أي الاتفاق على تحديد أسعار المحروقات بشكل غير قانوني، مما أضر بالمنافسة العادلة وأدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل مصطنع، والتلاعب بالمنافسة، حيث تم رصد ممارسات تهدف إلى تقييد المنافسة، مثل تقاسم الأسواق أو منع دخول شركات جديدة. وقد أثرت هذه الممارسات سلبًا على المستهلكين من خلال تقليل خياراتهم وزيادة التكاليف عليهم.