حزب الاستقلال بين نار الحكومة ونداء المعارضة.. هل يعيد التاريخ نفسه؟

عاد حزب الاستقلال إلى واجهة الجدل السياسي مجددًا، بعد تصريحات مثيرة لنائبين برلمانيين من داخله، وجها انتقادات لاذعة للحكومة التي يشارك فيها الحزب، وأكدا أخدهما أن المصلحة العامة تقتضي الاصطفاف في المعارضة بدل البقاء في وضع “عجلة احتياط” داخل الأغلبية. فهل يعيد التاريخ نفسه وينسحب حزب الاستقلال من الحكومة كما فعل عام 2013 تحت قيادة حميد شباط؟

بوعيدة.. صوت المعارضة داخل الأغلبية
النائب البرلماني عبد الرحيم بوعيدة لم يتردد في إعلان موقفه بصراحة، حيث دعا بشكل مباشر حزب الاستقلال إلى الانسحاب من الحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، معتبرًا أن “الواقع داخل الحكومة لا يخدمنا”. وأكد بوعيدة أنه غير راض عن أداء الحزب داخل الأغلبية، مشيرًا إلى أن الاستقلال “مجرد عجلة احتياط”، في حين أن المستفيد الأكبر من الحكومة هو حزب الأحرار.

وأضاف البرلماني الاستقلالي أن من مصلحة الحزب الاصطفاف في المعارضة إذا كان يطمح إلى تصدر الانتخابات المقبلة، مبرزًا أن موقفه ليس نابعًا من رغبة شخصية، بل هو انتقاد لواقع الحكومة التي “لم تعد تميز بين من يمثل الحكومة ومن يمثل رجال الأعمال”، في إشارة واضحة إلى نفوذ المال في دواليب السلطة.

تصريحات بوعيدة لم تكن مجرد رأي شخصي، بل جاءت في سياق عام من الانتقادات الموجهة للحكومة، والتي طالت كذلك أداء حزب الاستقلال نفسه، خاصة في ما يتعلق بتراجعه عن بعض وعوده الانتخابية، وعلى رأسها ملف دعم المحروقات والحد من ارتفاع الأسعار.

تراجع المغرب في مؤشر الفساد.. الحكومة أمام المساءلة
على صعيد آخر، يواجه حزب الاستقلال تحديًا آخر داخل الحكومة، وهو تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد لعام 2024، الأمر الذي دفع النائب البرلماني الاستقلالي خالد الشناق إلى مساءلة رئيس الحكومة حول مدى تقدم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

ورغم تعهد الحكومة في برنامجها بمواصلة تنفيذ هذه الاستراتيجية، إلا أن تقرير منظمة الشفافية الدولية كشف عن تراجع المغرب بنقطة واحدة، ليحصل على 37 نقطة من أصل 100 ويحتل المرتبة 99 عالميًا من أصل 180 دولة، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية الإجراءات المتخذة لمكافحة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأكد الشناق أن الحكومة مطالبة بتوضيح مدى التزامها بتنفيذ التدابير التي وعدت بها، مثل إعداد مشاريع قوانين تتعلق بالتصريح الإجباري بالممتلكات، وتضارب المصالح، وحماية الموظفين المبلغين عن الفساد، إلى جانب وضع مدونة شاملة للسلوكيات والأخلاقيات المهنية.

هل يتكرر سيناريو 2013؟
ما يثير الاهتمام في هذا السياق هو أن هذه الانتقادات تعيد إلى الأذهان سيناريو 2013، عندما قرر حزب الاستقلال بقيادة أمينه العام آنذاك، حميد شباط، الانسحاب من حكومة عبد الإله بنكيران، بسبب ما وصفه بـ”عدم تنفيذ برامج تصب في صالح الشعب المغربي”.

اليوم، يبدو أن بعض الأصوات داخل الحزب بدأت تعيد نفس الخطاب، معتبرة أن بقاء الاستقلال داخل الحكومة قد يضر بمستقبله السياسي، خاصة مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد، والتي قد تضعف من رصيده الانتخابي.

لكن على الرغم من هذه الأصوات، يبقى القرار النهائي بيد القيادة السياسية لحزب الاستقلال، التي قد تختار التريث وعدم المجازفة بالانسحاب في ظرفية سياسية واقتصادية دقيقة. فهل سيلبي الحزب دعوة بعض قيادييه ويعود إلى المعارضة، أم سيستمر في الحكومة إلى غاية نهاية الولاية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

 

A.Bout

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى