احتضنت محكمة الاستئناف التجارية بأكادير أول أمس الأربعاء الموافق 29 يناير من العام الجاري حدثاً مهماً يُعتبر نقطة فارقة في مسيرة القضاء التجاري بالمملكة. فقد شهدت المحكمة جلسة افتتاح السنة القضائية الجديدة لعام 2025، برئاسة الأستاذ محمد الكراوي، الرئيس الأول للمحكمة، الذي ألقى كلمة هامة خلال هذه المناسبة.
حضر الافتتاح نخبة من الشخصيات الرفيعة المستوى، بما في ذلك السيدة سعاد كوكاس والسيد الزبير بوطالع، عضوا المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثلين عن مؤسسات قضائية ووزارات مختلفة. كما تواجد عدد من المسؤولين المحليين والجهويين، مثل السيد سعيد أمزازي، والي جهة سوس ماسة، والسيد إسماعيل أبو الحقوق، عامل عمالة إنزكان أيت ملول، بالإضافة إلى رؤساء المحاكم المحلية ووكلاء الملك، وعدد من الهيئات المهنية والأمنية.
خلال كلمته، أشار الأستاذ محمد الكراوي إلى أن محكمة الاستئناف التجارية بأكادير قد بدأت عملها في السابع من نوفمبر 2024، حيث تغطي اختصاصاتها القضائية منطقة واسعة تمتد إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة. وأكد على أن المحكمة تسعى لأن تكون مؤسسة حديثة وفعّالة، تستند إلى التوجيهات الملكية السامية التي تهدف إلى تعزيز استقلالية القضاء وتحقيق العدالة الناجزة، مما يساهم في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية.
كما أوضح الكراوي أن المحكمة، منذ انطلاقتها، كانت تعمل بروح جديدة ومتجددة، حيث توجهت نحو تحقيق أهداف استراتيجية واضحة، منها تحسين النجاعة القضائية وتعزيز ثقة المواطنين في القضاء. وأشار إلى أن المحكمة قد حققت نتائج ملموسة خلال فترة قصيرة، حيث تم الفصل في العديد من القضايا المعروضة عليها، سواء بشكل قطعي أو تمهيدي، وهو ما يعكس الجهود الكبيرة المبذولة من قبل جميع العاملين في المحكمة.
بالإضافة إلى ذلك، تطرق الأستاذ الكراوي إلى الحصيلة السنوية لمحكمة الاستئناف التجارية وأبرز المؤشرات المتعلقة بها. فقد تم تسجيل 259 قضية جديدة بين نوفمبر وديسمبر 2024، مع الفصل في 49 قضية بشكل قاطع وقضيتين بشكل تمهيدي. أما بالنسبة للمحكمة الابتدائية التجارية بأكادير، فقد بلغ عدد القضايا المسجلة خلال نفس الفترة 10,671 قضية، تم الفصل في 10,028 منها، وهو ما يعكس مستوى عالٍ من الكفاءة والإنتاجية.
أما فيما يتعلق بالتنفيذ، فقد أشار الكراوي إلى وجود 7,494 ملف تنفيذي رائج، تم تنفيذ 4,141 منها، بينما لا يزال هناك 3,353 ملف تحت التنفيذ. كما أشار إلى نشاط مكتب السجل التجاري، الذي سجل زيادة كبيرة في عدد التسجيلات والتعديلات، مما يعكس أهمية هذا القطاع في الاقتصاد الوطني.
وعلى صعيد آخر، تناول الأستاذ الكراوي موضوع الأنشطة المالية للمحكمة، حيث تم استخلاص رسوم قضائية وغرامات بمبالغ كبيرة، مما يعكس الجدية في إدارة الشؤون المالية وتحسين الخدمات المقدمة للمتقاضين. كما أشار إلى أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة لتطوير العمل القضائي، بما في ذلك توفير منصة إلكترونية لتقديم الخدمات المختلفة.
ختاماً، أكد الأستاذ الكراوي على أن سنة 2025 ستكون مليئة بالتحديات والفرص، حيث سيتم التركيز على تعزيز النجاعة القضائية وتطوير آليات العمل داخل المحكمة. كما سيتم وضع خطط تدريبية مستمرة لتحسين كفاءة القضاة والموظفين، وتشجيع البحث القانوني باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة. كل ذلك يأتي في إطار السعي لتحقيق العدالة الناجزة والمساهمة في بناء مجتمع أكثر استقراراً وازدهاراً.