المجلس الأعلى للحسابات يكشف اختلالات معاهد وكليات التعليم العالي الخاص

أظهر التقرير السنوي 2023-2024 للمجلس الأعلى للحسابات حول وضعية مؤسسات التعليم العالي الخاص العديد من النقائص تكشف الاختلالات المتعلقة بتقنين معاهد وكليات التعليم العالي الخاص بالمغرب وعلى رأسها ضعف تغطية المراقبة الإدارية والبيداغوجية وعدم تطرقها لجوانب ذات أثر واضح على سير القطاع وعلى جودة التكوينات، مما لا يسمح للوزارة بتتبع القطاع بشكل ملائم ورصد النقائص التي يعاني منها.

وطيلة عقد كامل، حسب التقرير ذاته، لم تشمل المراقبة الإدارية والبيداغوجية لمؤسسات جامعية خصوصية نشطة سوى 3 في المائة.

وإلى جانب ذلك، أوصى المجلس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بصياغة وبلورة رؤية واضحة واستراتيجية رسمية تخص تطوير قطاع التعليم العالي الخاص، وكذلك تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين والمتدخلين في عملية التقييم والمراقبة، إضافة إلى تحديد إطار لعقد الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

علاوةً على ذلك، أوصى المجلس الوزارة بمراجعة نظام التراخيص والاعتماد ومنح اعتراف الدولة، والمراقبة بشقيها البيداغوجي والإداري، والسهر على التطبيق الفعلي للتدابير الزجرية المنصوص عليها في النصوص التطبيقية، عند الاقتضاء.

وأشار المجلس إلى أن المهمة الرقابية التي أُنجِزت، والتي شملت أساساً الفترة الممتدة من سنة 2010 إلى 2022، تناولت الإطار العام لقطاع التعليم العالي الخاص، وتصميم وتنزيل نظام تقنين ومراقبة هذا القطاع، بالإضافة إلى الممارسة العملية لصلاحيات المراقبة والتقنين من لدن الوزارة الوصية.

وبخصوص الإطار العام للتعليم العالي الخاص، أكد مجلس العدوي أن القطاع شهد تطوراً مهماً خلال العقدين الأخيرين على مستوى عدد الطلبة المسجلين من 10.146 طالباً سنة 2000 إلى 66.817 طالباً سنة 2023.

وشكلت المؤسسات التي أصبحت تضم نموذج “الجامعات الخاصة”، وتنويع التخصصات، ومنح اعتراف الدولة ببعض المؤسسات وعقد شراكات مع بعضها.

وبالمقابل، سجل المجلس تراجع وتيرة معدل التزايد السنوي لأعداد الطلبة المسجلين خلال هذا العقد، إذ لم تتعدَّ 5% كمعدل سنوي خلال الفترة بين 2010 و2023، بينما تجاوزت 13% خلال الفترة 2000-2010، وذلك رغم ما عرفه القطاع من مستجدات على المستويين الكمي والنوعي من حيث العرض التعليمي.

كما أوضح تقرير المجلس الأعلى للحسابات، والذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه تم تسجيل غياب رؤية واضحة واستراتيجية مترجمة إلى أهداف يتم مراجعتها وتقييمها بصفة دورية.

وبالنسبة لتصميم وتنزيل نظام مراقبة وتقنين القطاع، فقد اعترته مجموعة من النقائص مقارنة بالممارسات الجيدة على الصعيد الدولي، إذ أشار؛ مثالا على ذلك، إلى أن الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي تخضع للإشراف الإداري للوزارة المكلفة بالقطاع، وتكتسي مهمتها في ما يخص قطاع التعليم العالي الخاص طابعاً استشارياً محضاً لا يشمل صلاحيات منح أو سحب تراخيص الفتح أو الاعتماد أو اعتراف الدولة.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد المصدر ذاته أنه لا يزال الإطار القانوني الذي يؤطر القطاع غير مكتمل ولم يتم تكييفه مع المتغيرات على أرض الواقع، حيث إن عدداً من النصوص التطبيقية لم يتم إصدارها وأخرى لا تغطي جميع الجوانب اللازمة.

كما أشار المجلس إلى أن الإطار الحالي يحتاج لإبرام اتفاقيات الشراكة بين المؤسسات الخاصة والدولة إلى مزيد من التوضيح، لافتا وعلى صعيد آخر، إلى أنه لم يتم اعتماد نظام معلوماتي مندمج ومتكامل يمكن من تغطية جميع الجوانب المتعلقة بالقطاع، ويسهم في تنظيم ومراقبة مؤسساته بشكل فعال.

أما في ما يخص الممارسة العملية لصلاحيات المراقبة والتقنين، فأفاد المجلس أنها تعرف مجموعة من النقائص التي تحد من مستوى الفعالية في تأطير هذا القطاع وتتبعه بشكل ملائم، وتطويره، والرفع من جودته وجاذبيته.

وتشمل هذه النقائص أهم مراحل الممارسة العملية للمراقبة والتقنين، بما في ذلك منح تراخيص فتح المؤسسات واعتماد المسالك والاعتراف من طرف الدولة، وكذلك المراقبة والتتبع اللاحقين، بالإضافة إلى القيام بالإجراءات التصحيحية وتطبيق العقوبات اللازمة بحق المخالفين.

ولاحظ المجلس، حسب ما جاء في تقريره، تجاوز الآجال المحددة لمعالجة ملفات طلبات الترخيص، وعدم إجراء تدقيق بعدي للمؤسسات من أجل التحقق من مدى احترام الالتزامات السابقة المتعلقة بتوفير الموارد المادية والتربوية.

وأكد أن المراقبة الإدارية والبيداغوجية تعاني من ضعف التغطية ولا تتطرق إلى بعض الجوانب التي يمكن أن تؤثر بشكل واضح على سير القطاع وجودة التكوينات، مما لا يسمح للوزارة بتتبع القطاع ورصد النقائص التي يعاني منها بشكل ملائم.

وسجل المجلس أيضاً أن الوزارة الوصية لا تتخذ التدابير اللازمة في الوقت المناسب لتفعيل العقوبات الزجرية أو الإجراءات التصحيحية التي تهدف إلى تصحيح النقائص والمخالفات التي تم رصدها أثناء عمليات المراقبة، مما من شأنه أن يؤدي إلى استمرار وتكرار الممارسات المخالفة وعدم ترصيد الممارسات الفضلى السائدة في القطاع.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى