في ظل الجدل الدائر حول أداء المجلس الجماعي لأيت ملول، جاء بيان الرد الثاني الصادر عن مجموعة من المنتخبين الجماعيين، ليضع النقاط على الحروف بشأن الإشكالات التي شابت التدبير الجماعي، وليعبر عن موقف معارض صريح تجاه بيان رئيس الجماعة. هذا الرد، الذي حمل عنوان “محاولة إخفاء الشمس بالغربال”، يمثل موقفًا نقديًا يهدف إلى تسليط الضوء على الخروقات القانونية والإدارية، وكشف النقائص التي تعيق تحقيق التنمية المنشودة.
أولًا: خرق واضح للنصوص القانونية
استهل الموقعون بيانهم بالرد على مبررات الرئيس لتأجيل الدورة الاستثنائية، حيث أكدوا أن المادة 38 من النظام الداخلي تنص على تأجيل محدد بزمن لا يتجاوز ستين دقيقة، مع إلزامية إعلان التأجيل رسميًا في حال عدم اكتمال النصاب. ورغم وضوح النص، أشار المنتخبون إلى حدوث خروقات قانونية عندما تم تمديد التأجيل بشكل غير مشروع لتسهيل استكمال النصاب، وهو ما اعتبروه خرقًا صارخًا يضرب مصداقية العمل الجماعي.
كما طالب المنتخبون السيد عامل عمالة إنزكان أيت ملول بفتح تحقيق شامل حول هذه التجاوزات، داعين إلى اتخاذ إجراءات صارمة لضمان احترام القوانين التنظيمية.
ثانيًا: اختلالات في إعداد مشروع الميزانية
تناول البيان بشدة مشروع ميزانية 2025، واصفًا إياه بكونه غير متوازن وغير واقعي. ورغم حديث الرئيس عن “مداخيل قياسية”، إلا أن الميزانية لم تعكس أي تحسن ملموس، بل أظهرت استمرارًا في تقديرات غير دقيقة للمداخيل وتوزيعًا غير عادل للنفقات.
وأشار المنتخبون إلى رفض المشروع الأول للميزانية من قبل عامل العمالة بسبب ضعف التقديرات وعدم الالتزام بالقواعد المالية، ومع ذلك استمر المجلس في تقديم مقترحات تفتقر إلى المصداقية. كما سلطوا الضوء على غياب الاهتمام بالنفقات الإجبارية كالأحكام القضائية والتأمين، مع تخصيص مبالغ كبيرة لنفقات التسيير دون مبررات واضحة.
ثالثًا: التأخر في تسوية ملف التأمين
فيما يخص ملف التأمين، اعترف بيان الرئيس بوجود تأخر في معالجته، لكنه أرجع ذلك إلى ملاحظات تقنية من الخازن الإقليمي، وهو ما رفضه المنتخبون جملة وتفصيلًا. حيث أشاروا إلى أن التأخير يعود إلى تقصير إداري واضح استمر منذ عام 2023، مما عرض العاملين لمخاطر قانونية واجتماعية.
وطالب المنتخبون بتسوية عاجلة للملف، مع اعتماد آليات رقابية تحول دون تكرار مثل هذه التأخيرات في المستقبل، بما يعكس إدارة مسؤولة تعطي الأولوية لحقوق العاملين.
رابعًا: غياب رؤية تنموية واضحة
في محور المشاريع التنموية، انتقد المنتخبون بشدة غياب استراتيجية واضحة تعالج الاحتياجات الملحة للمدينة. فرغم حديث الرئيس عن “برنامج عمل يتم تنفيذه تدريجيًا”، أكد البيان أن الواقع يعكس نقصًا حادًا في البنية التحتية، وتدهورًا في خدمات النظافة، وغيابًا للمبادرات الجادة التي تستجيب لأولويات الساكنة.
وشدد المنتخبون على ضرورة تحيين برنامج العمل الجماعي بمشاركة فعالة من الساكنة، واعتماد آليات متابعة دقيقة لضمان تنفيذ المشاريع بشكل واقعي يحقق النتائج المرجوة.
المعارضة: ممارسة مشروعة لا تشويش
اختتم البيان بالتأكيد على أن دور المعارضة هو جزء من العملية الديمقراطية، يهدف إلى تقويم الأداء الجماعي واقتراح الحلول التصحيحية. ورفض المنتخبون وصف الرئيس لمواقفهم بأنها “تشويش”، معتبرين أن التفاعل النقدي مع القضايا المطروحة يعزز الشفافية ويخدم المصلحة العامة.
يمثل هذا البيان نموذجًا للممارسة الديمقراطية في ظل الاختلافات السياسية داخل المجالس الجماعية. وبينما يبقى الجدل مفتوحًا حول أداء جماعة أيت ملول، تظل الحاجة إلى الحوار البنّاء والعمل المشترك ضرورة ملحة لتحقيق تطلعات الساكنة، وتجاوز الخلافات نحو رؤية تنموية شاملة تعكس مسؤولية حقيقية وشفافية في التدبير.