بلفاع وبيوكرى: هل يعكس تخريب التشوير رفضًا للتهميش؟

 تخريب لوحات التشوير ليس مجرد سلوك تخريبي عابر، بل هو تعبير عن غضب اجتماعي وحاجة ملحة إلى العدالة الاجتماعية والتنمية.

تُعتبر ظاهرة تخريب لوحات التشوير في إقليم اشتوكة أيت باها نموذجًا للسلوكيات السلبية التي تثير قلق المجتمع والسلطات المحلية، حيث أضحت علامات التشوير التي يُفترض أن تسهم في تنظيم حركة المرور وتحقيق السلامة الطرقية ضحية لأعمال تخريبية، سواء بالتشويه أو الاقتلاع الكلي. وتُعد هذه الظاهرة، التي تتكرر في مناطق متعددة من المغرب، تعبيرًا عن رفض غير واعٍ للبنية التحتية التي توفرها الدولة، وهو ما يطرح تساؤلات حول الأسباب الاجتماعية والنفسية الكامنة وراء هذا السلوك.

أشكال التخريب وأثرها على السلامة العامة
تتنوع طرق تخريب لوحات التشوير بين تحريف محتوى اللوحات، خدشها أو كتابة أسماء ورسومات عليها باستخدام الصباغة، وأحيانًا يتم اقتلاع اللوحات بالكامل وتركها بجانب الطريق، مما يؤدي إلى إخفاء المعلومات الأساسية للسائقين، خاصة الزائرين الجدد. وقد يؤدي تخريب اللوحات التي تحذر من منعرجات خطيرة أو طرق محفوفة بالمخاطر إلى وقوع حوادث مميتة، مما يجعل هذا التخريب لا يمس فقط بالمظهر العام، بل يهدد حياة المواطنين.

تكرار التخريب بنفس الطريقة: لغز يُثير التساؤل
لوحظ أن علامات التشوير عند مدخل جماعة بلفاع ومدينة بيوكرى، ورغم أن المسافة بينهما تقدر بحوالي 33 كيلومترًا، تم تخريبها بنفس الطريقة وباستخدام نفس الأدوات. هذا التكرار يدعو للتساؤل حول دوافع الفاعلين وما إذا كان هناك مخطط أو رسالة معينة يُراد إيصالها.

دوافع اجتماعية واقتصادية وراء التخريب
وفقًا لبعض الآراء، لا يمكن فصل هذا السلوك عن السياق الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة، حيث تشهد بعض المناطق في المغرب مستويات مرتفعة من الفقر والتهميش. يرى البعض أن تخريب لوحات التشوير يمثل نوعًا من التعبير عن الحقد المكبوت والغضب تجاه البنية التحتية التي يعتبرها المخربون غير متناسبة مع حاجياتهم الأساسية؛ إذ يرون أن تطوير المنطقة لن يتم عبر لوحات التشوير، بل من خلال مشاريع تنموية تستهدف تحسين حياة السكان.

الشباب والأطفال: ضحايا تنشئة مبنية على الرفض
تشير العديد من الدراسات إلى أن هذا السلوك ينتشر بشكل خاص بين الشباب والأطفال، ويعكس تنشئة اجتماعية تتسم بالعداء لكل أشكال التنظيم. فالبنية التحتية من لوحات التشوير والإشارات قد تُفسر لديهم كرمز لجهود رسمية يعتقدون أنها لا تلبي احتياجاتهم الحقيقية. ويعتبر تخريب اللوحات التي تحدد المسافات المتبقية إلى القرى إشارة إلى أن المنطقة “بعيدة” بالمعنى الحضاري، وأنها لا تحظى باهتمام كافٍ.

رسائل ضمنية يحملها تخريب لوحات التشوير
يتضمن هذا التخريب دلالات ورموز، حيث يهدف المخربون إلى إيصال رسالة مفادها أن منطقتهم، التي تعاني من التهميش، لا تحتاج إلى التعريف أو الإرشاد، وكأنهم يعلنون بشكل غير مباشر عن رفضهم للزوار الغرباء ويعتبرون أن منطقتهم لا تستحق التعريف بها في ظل ما يعانونه من نقص في البنية التحتية والخدمات.

حلول مقترحة لمواجهة الظاهرة
للتصدي لهذه الظاهرة، يجب أن تتضافر الجهود بين السلطات المحلية، والمجتمع المدني، والتربويين من أجل توعية الشباب والأطفال بأهمية لوحات التشوير ومساهمتها في السلامة العامة. كما يجب على السلطات التفكير في حلول تعزز انخراط السكان في التنمية المحلية، وتشعرهم بأن هذه البنية التحتية جزء من مجتمعهم، وذلك من خلال تقديم مشاريع تنموية حقيقية تعكس اهتمام الدولة بمناطقهم.

Abdallah Boutbaoucht

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى