شهادات حب ووفاء.. تارودانت تودّع الحسين أمزال بعد مسيرة تنموية متميزة

في لحظات مفعمة بالتقدير والتأثر، ودّعت ساكنة إقليم تارودانت العامل الحسين أمزال بعد أن أحيل على التقاعد، تاركًا وراءه إرثًا حافلاً بالإنجازات والبصمات التنموية في مختلف مناحي الحياة بالإقليم. أمضى أمزال أكثر من ثماني سنوات في خدمة الإقليم، مضيفًا إليه تجربةً استثنائية في القيادة الحكيمة والتفاعل مع هموم وتطلعات الساكنة، حيث حظي بحب واحترام الجميع نتيجة لتفانيه واهتمامه العميق بمصلحة الصالح العام.

قيادة متميزة وروح التفاعل المجتمعي

كان الحسين أمزال شخصية قيادية متفردة، حيث امتاز بالحكمة والهدوء وحسن التعامل مع الجميع، الأمر الذي جعله قريباً من الساكنة وموضع ثقتهم واحترامهم. عرف الرجل بالتفاعل المستمر مع المجتمع المحلي واهتمامه بالاستماع للمشاكل والتحديات التي تواجههم. سعى باستمرار إلى توفير الحلول العملية لقضايا الإقليم وتبني المبادرات التي ترتكز على تحقيق الاستدامة.

إنجازات ملموسة في البنية التحتية والصحة والتعليم

تحت قيادة أمزال، شهد إقليم تارودانت قفزة نوعية في تطوير البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية. عمل على إنشاء الطرق وفك العزلة عن المناطق القروية، حيث تم بناء قناطر جديدة وتجهيز مناطق نائية بخدمات الرعاية الصحية عبر توفير سيارات إسعاف ودعم المستوصفات المحلية. وفي التعليم، كان له دور فعال في محاربة الهدر المدرسي، خاصةً في المناطق الجبلية التي تحتاج إلى دعم إضافي لتوفير فرص التعليم للأطفال.

كما عمل أمزال على تعزيز الرياضة المحلية وتطوير ملاعب القرب، مما أتاح للشباب مساحات آمنة لممارسة أنشطتهم. وقد انعكس ذلك على تحسين مستوى المعيشة، حيث أتيحت فرص جديدة للنشاط الاجتماعي والرياضي، ما يسهم في بناء مجتمع صحي ومتكامل.

“تويزي”: إحياء التضامن المجتمعي لخدمة التنمية

كان للحسين أمزال الفضل في إعادة إحياء عملية “تويزي” التقليدية التي تجسد قيم التضامن والعمل الجماعي، وتحويلها إلى إطار عملي يخدم التنمية في الإقليم. أشرف على عدة مشاريع استخدم فيها نهج تويزي، والتي شملت إعادة تأهيل البنية التحتية من خلال إصلاح الطرق وبناء القناطر وإعادة تأهيل المدارس وتنفيذ حملات تشجير لحماية البيئة.

وفي القطاع الزراعي، شملت مبادرات تويزي بناء السدود الصغيرة والحواجز المائية التي تسهم في توفير مياه الري وتحسين الإنتاج الزراعي، وهو ما يعزز الأمن الغذائي في المنطقة ويساعد في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

تويزي والعمل الصحي: دعم المجتمعات النائية

امتدت جهود تويزي لتشمل المجال الصحي، حيث دعم أمزال تعزيز التعاون بين الساكنة في توفير خدمات الرعاية الصحية للمناطق النائية، إذ نظمت حملات طبية توعوية وفحوصات مجانية، مما رفع مستوى الصحة العامة في المنطقة وأتاح إمكانية أفضل للتواصل مع الخدمات الصحية الأساسية.

التنمية الاقتصادية وتعزيز الأقطاب المجتمعية

تميزت سياسة الحسين أمزال بالتركيز على التنمية الاقتصادية عبر تقسيم إقليم تارودانت إلى أقطاب تنموية، وهي: إغرم، تارودانت، أولاد تايمة، سيدي موسى الحمري، تالوين، وأولاد برحيل. استفاد كل قطب من المبادرات المتكاملة التي دعمتها الجماعات الترابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ما ساهم في تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات وتوفير فرص عمل جديدة وفقًا لخصوصيات كل منطقة.

التقدير الشعبي والإرث المستمر

شهد المجتمع المحلي بإقليم تارودانت بالاعتراف والامتنان لمسيرة الحسين أمزال، الذي وصفه الإعلامي الحسين ناصري بأنه “مسؤول يتمتع بخصالٍ قيادية وقدرة على تجميع الجهود نحو تحقيق الأهداف المشتركة”. وعبّر العديد من رؤساء الجماعات عن تقديرهم للدور الكبير الذي لعبه أمزال في تطوير جميع الجوانب الحياتية بالإقليم، معتبرين أن أثره سيظل حاضرًا في ذاكرة المنطقة.

إرثٌ يُلهم الأجيال القادمة

برحيل الحسين أمزال عن تارودانت، ترك وراءه إرثاً من العمل المخلص والتميز، ليصبح نموذجاً يُحتذى به في الإدارة الترابية. وتجسد عملية تويزي، التي ساهم في تطويرها، نموذجًا للتنمية الذاتية التي تستند إلى التآزر والتعاون. إن استمرار هذا النهج سيشكل أساساً لمستقبل مستدام، حيث يتجسد التفاني والعمل التعاوني في خدمة المجتمع ويظل إرث الحسين أمزال رمزاً للتنمية والتضامن في إقليم تارودانت.

 

Abdallah Boutbaoucht

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى