تعد حكومة عزيز أخنوش واحدة من أكثر الحكومات التي نالت اهتمامًا في الساحة السياسية المغربية خلال السنوات الأخيرة. منذ توليه منصب رئيس الحكومة في عام 2021، تصاعدت التحديات التي تواجه البلاد، وسط ضغوط اقتصادية واجتماعية شديدة. وقد تركزت الانتقادات حول عدة قضايا بارزة تشمل غلاء الأسعار، البطالة، حرية الصحافة، انتشار الفساد، وكثرة الإضرابات والاحتجاجات. لكن، ماذا قدمت هذه الحكومة؟ وما هي أبرز العقبات التي ما زالت تواجهها في ظل هذه التحديات؟
عزيز أخنوش: من رائد أعمال إلى رئيس حكومة
عزيز أخنوش ليس مجرد سياسي تقليدي، فهو أحد أبرز رجال الأعمال في المغرب، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار. بعد فوزه في الانتخابات التشريعية، تولى أخنوش رئاسة الحكومة، ولكن ما زالت التوقعات المتزايدة من المواطنين تقف أمام حكومته.
إلى جانب خلفيته الاقتصادية القوية، يُنتظر من أخنوش أن يقدم حلولاً عملية للأزمات المستعصية، إلا أن مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت بسبب الأزمات العالمية تعد مهمة معقدة.
غلاء الأسعار: معضلة تؤرق المواطن المغربي
من بين أبرز المشاكل التي ظهرت بقوة منذ تولي حكومة أخنوش هي ارتفاع أسعار السلع الأساسية. مع التأثيرات العالمية التي فرضتها جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، شهدت أسعار الطاقة والغذاء ارتفاعًا ملحوظًا على مستوى العالم، ولم يكن المغرب استثناءً.
هذا الغلاء أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطن المغربي، خاصة أن الفئات ذات الدخل المحدود هي الأكثر تأثراً. ورغم وعود الحكومة بإيجاد حلول لتخفيف حدة الأزمة، إلا أن الإجراءات المتخذة حتى الآن لم تكن كافية لاحتواء غضب الشارع.
البطالة: شبح يطارد الشباب المغربي
البطالة في المغرب، خصوصاً بين الشباب، هي تحدٍ كبير يواجه أي حكومة، بما في ذلك حكومة عزيز أخنوش. على الرغم من المبادرات الحكومية التي تستهدف تعزيز الاستثمارات وتوفير فرص عمل جديدة، إلا أن معدل البطالة ما زال مرتفعًا، خاصة في صفوف خريجي الجامعات.
الشباب المغربي يتطلع إلى تحسين أوضاعه من خلال الحصول على فرص عمل تليق بتعليمه ومهاراته. ومع كل ما تقدمه الحكومة من خطط مستقبلية لإنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل، فإن النتائج على الأرض ما زالت غير ملموسة بما يكفي لتغيير واقع الكثير من العائلات.
حرية الصحافة: جدل بين الحكومة والإعلام
الحرية الإعلامية وحرية الصحافة موضوع شائك في المغرب. فرغم التزام الحكومة بضمان حرية الصحافة وفقًا للدستور المغربي، فإن هناك بعض المؤشرات على تضييق هذه الحرية في بعض الأحيان.
خلال السنوات الأخيرة، تعرضت بعض وسائل الإعلام والصحفيين لضغوطات قانونية وسياسية، وهو ما يثير قلق منظمات حقوق الإنسان والمراقبين الدوليين. العديد من الأصوات الإعلامية المستقلة تشعر بأن المجال الصحفي أصبح أكثر تقييدًا، وهو ما يشكل تحديًا أمام تعزيز الديمقراطية والانفتاح السياسي في البلاد.
انتشار الفساد: عقبة أمام التنمية
الفساد هو أحد أكبر التحديات التي تواجه أي حكومة في سعيها لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية. وفي المغرب، يشكل الفساد عقبة حقيقية أمام تحقيق المساواة وإحداث تحول اقتصادي ملموس.
رغم الجهود المبذولة من قبل الحكومة لمحاربة هذه الظاهرة، فإنها لا تزال موجودة في بعض القطاعات. المواطن المغربي يبحث عن حكومة قادرة على مكافحة الفساد بجدية وشفافية، مع فرض عقوبات صارمة على المتورطين في هذه القضايا.
كثرة الإضرابات والاحتجاجات: تعبير عن السخط الشعبي
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، شهد المغرب في السنوات الأخيرة ارتفاعًا في عدد الإضرابات والاحتجاجات. غالبًا ما تتركز هذه الاحتجاجات في القطاعات العامة كالتعليم والصحة والنقل، إذ يعبر الموظفون والعاملون عن استيائهم من أوضاعهم المعيشية والاقتصادية.
الإضرابات، رغم كونها وسيلة شرعية للتعبير عن مطالب الشارع، إلا أنها تعكس أيضًا فشل الحوار بين الحكومة والنقابات في إيجاد حلول وسط ترضي الطرفين. على الحكومة أن تسعى إلى تحسين ظروف العمل والاستجابة لمطالب المواطنين، مع الأخذ بعين الاعتبار التوازن المالي والاقتصادي.
جهود الحكومة في مواجهة التحديات
على الرغم من كل هذه التحديات، لا يمكن إنكار أن حكومة أخنوش قد اتخذت بعض الخطوات لمحاولة حل بعض هذه المشاكل. فعلى سبيل المثال، ركزت الحكومة على تعزيز الاستثمارات الأجنبية، وتحسين المناخ الاقتصادي عبر تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى إطلاق مشاريع اجتماعية كبرى تهدف إلى تقليص الفجوة الاجتماعية وتحسين مستوى العيش.
لكن النجاح في تحقيق هذه الأهداف يتطلب المزيد من الوقت والجهد، لا سيما في ظل الظروف العالمية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني.
هل ستتمكن حكومة أخنوش من الصمود؟
في ظل التحديات المتزايدة والضغوط الداخلية والخارجية، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن حكومة عزيز أخنوش من مواجهة هذه الأزمات والوفاء بتوقعات الشعب؟ الحقيقة أن الأوضاع الحالية تفرض على الحكومة اتخاذ إجراءات حاسمة وشجاعة، من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وضمان الاستقرار السياسي.
يبقى الأمل موجودًا، لكن ما ينتظره المواطنون هو نتائج ملموسة على أرض الواقع، بعيدة عن الوعود والشعارات السياسية. حكومة أخنوش في اختبار حقيقي، والمستقبل سيكشف ما إذا كانت قادرة على تجاوزه بنجاح.