“إعادة الاعتبار لرمز التجارة بانزكان: تكريم الحاج محمد الفار في اليوم الوطني للتاجر”

في لحظة من الاعتراف العميق والوفاء، نظمت غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة سوس ماسة حفل تكريم استثنائي ضمن فعاليات اليوم الوطني للتاجر، نهاية الشهر الماضي بمقر الغرفة بمدينة أكادير. هذا الحفل الذي شهد تكريم عدد من قدماء التجار المتميزين على صعيد الجهة، كان بمثابة إعادة اعتبار لرموز التجارة الشريفة الذين ساهموا في تشكيل الهوية التجارية لمدينة إنزكان.

من بين الأسماء التي أُبرزت في هذا الحفل، كان للحاج محمد الفار نصيب وافر من التقدير، حيث تم تكريمه في شخص ابنه الحاج أحمد الفار. الحاج محمد الفار، الذي وُلد سنة 1920 وتوفي سنة 1978، كان من رواد التجارة في إنزكان. بدأ مسيرته كتاجر لبيع زيت الزيتون بالجملة والتقسيط سنة 1936، ليصبح لاحقًا رمزًا من رموز تأسيس الهوية التجارية للمدينة.

كان الحفل مشحونًا بمشاعر فياضة، وذرفت الدموع عندما عُرضت صورة الحاج محمد الفار على الشاشة، ما أعاد ذكريات سنوات من العطف والرحمة، ومواقف نبيلة تركت أثرًا عميقًا في نفوس أبنائه وخصوصًا ابنه البار الحاج أحمد الفار. كان الحاج محمد الفار تاجرًا شريفًا كافح بعرق جبينه لبناء شخصيته التجارية، وكان معروفًا بتواضعه وأناقته الروحية وتواصله الهادئ مع الجميع.

ولم يكن الحاج محمد الفار مجرد تاجر ناجح، بل كان أيضًا رجلًا وطنيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فقد لعب دورًا بارزًا خلال المسيرة الخضراء، حيث أنفق بسخاء على المتطوعين، وقدم وجبات غذائية لهم طيلة مدة تجمع أفواج المسيرة، مؤكدًا بذلك على معدنه الوطني الأصيل وعمق انتمائه لهذا الوطن.

حضر الحفل عدد من الضيوف والتجار المتميزين، بالإضافة إلى أعضاء مكتب الغرفة وأعضاء الجمعية العامة، ورؤساء الجمعيات المهنية للتجار. وقد رحب رئيس الغرفة في كلمته بجميع الحاضرين، مشيدًا بالدور الجوهري الذي يلعبه التاجر في التنمية الاقتصادية على المستويات الجهوية والوطنية والدولية. كما أكد المدير الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة على الدور الحيوي للتجارة في الاقتصاد الوطني، مشددًا على أهمية تنظيم اليوم الوطني للتاجر لتسليط الضوء على مساهمة التاجر المغربي في التنمية.

وقد شمل برنامج اليوم الوطني للتاجر عروضًا متنوعة، من بينها عرض حول “حصيلة تنزيل ورش التغطية الاجتماعية بجهة سوس ماسة”، الذي قدمه سفيان العقاوي، المدير الجهوي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما تضمن العرض الثاني مناقشة عملية “إحصاء الوحدات الإنتاجية” وأهدافها، والتي قدمها الحسين العربي، المدير الجهوي للمندوبية السامية للتخطيط. كما ألقى عرضًا حول “العمال غير الأجراء” وأهميتهم في تعزيز التغطية الاجتماعية قدمته كريمة رمزي، رئيسة وكالة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالداخلة. واختتمت سارة العلوي، رئيسة وكالة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالدشيرة، بعرض حول “التحول الرقمي ودوره في تطوير خدمات المؤسسات العمومية”، مشيرة إلى دور التحول الرقمي في تحسين الكفاءة التشغيلية وتقديم خدمات أكثر دقة وسرعة للمواطنين.

واختُتم الحفل بتكريم سعيد ضور، رئيس الغرفة، من طرف جمعية بيع المواد الغذائية بالجملة والتقسيط، وتوزيع تذكارات وشواهد تقديرية على التجار المكرمين.

كان تكريم الحاج محمد الفار ليس مجرد تكريم لشخصه فقط، بل هو تكريم لقيم الصدق والأمانة والتفاني في العمل التي جسدها طيلة حياته. إنه تكريم لذاكرة رجل شكل جزءًا من تاريخ مدينة إنزكان، وترك بصمة لا تُمحى في نفوس أبنائه ومحبيه وكل من عرفه. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

A.Boutbaoucht

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى