تعرض العديد من تجار الجملة في أسواق الدار البيضاء، وخاصة في “درب عمر” و”القريعة”، لعمليات نصب واحتيال جديدة، تُعرف بـ “الشيكات المنقوشة”. وتعتمد هذه العمليات على استغلال حاجة التجار إلى السيولة، وجهلهم بالقوانين التجارية، ما يوقعهم في فخ محكم يخسرون معه أموالهم، وقد يتعرضون للمسائلة القانونية.
ماهية “الشيكات المنقوشة” وكيفية عملها؟
تُعد “الشيكات المنقوشة” شيكات عادية يتم تدوين مبالغ مُدفوعة عليها من قبل الطرفين، كنوع من الاتفاق على سداد جزء من قيمة الشيك بشكل مُقسط. يقوم المحتال، وهو في الغالب تاجر تقسيط، بشراء بضائع من تاجر الجملة مقابل شيك، ثم يُقنعه بتأخير إيداعه في البنك، بحجة أنه سيسدد باقي المبلغ لاحقًا.
وبعد ذلك، يقوم المحتال بتقديم الشيك لشخص آخر، دون علم تاجر الجملة، مدعيًا أن الشيك كامل القيمة. وعندما يحاول الشخص الآخر صرفه، يكتشف أنه منقوش، أي أن هناك مبالغ مدفوعة تم تدوينها على ظهره.
في هذه الحالة، يطالب الشخص الذي قدم له الشيك تاجر الجملة بسداد كامل المبلغ، مستندًا إلى الشيك. ويواجه تاجر الجملة صعوبة في إثبات أنه تم بالفعل سداد جزء من المبلغ، وذلك بسبب عدم احترام ضوابط التظهير المنصوص عليها في مدونة التجارة.
مخاطر “الشيكات المنقوشة” على تجار الجملة:
فقدان المال: يتحمل تاجر الجملة عبء سداد كامل قيمة الشيك، حتى لو كان قد تم بالفعل سداد جزء من المبلغ.
المسؤولية القانونية: قد يتعرض تاجر الجملة للمساءلة القانونية، بموجب الفصل 316 من مدونة التجارة، الذي يعاقب كل من يقبل أو يظهر شيكًا على سبيل الضمان دون استخلاصه فورًا.
تضرر السمعة: قد تلحق الضرر بسمعة تاجر الجملة بين التجار والموردين.
نصائح لتجنب الوقوع في فخ “الشيكات المنقوشة”:
طلب شيكات معتمدة: يجب على تاجر الجملة طلب شيكات معتمدة من البنك كضمان للدفع، بدلاً من قبول الشيكات العادية.
تدوين المعلومات بدقة: في حال قبول شيك عادي، يجب تدوين المبلغ المدفوع على ظهر الشيك بوضوح، مع توقيع الطرفين، والتأكد من إلغاء خانة القيمة الموجودة على وجه الشيك.
التأكد من صحة المعلومات: قبل قبول أي شيك، يجب على تاجر الجملة التأكد من صحة المعلومات المدونة عليه، بما في ذلك اسم الساحب ورقم الحساب وتاريخ الاستحقاق.
الاستشارة القانونية: في حال الشك في أي عملية، يجب على تاجر الجملة استشارة محامٍ مختص للحصول على التوجيه القانوني السليم.
وفي السياق نفسه، حذر بنك المغرب، في تقرير سنوي سابق حول البنيات التحتية للأسواق المالية ووسائل الأداء ومراقبتها والشمول المالي، من بلوغ عدد حالات رفض الشيكات من قبل البنوك 560 ألف حالة خلال سنة واحدة فقط، بزيادة سنوية نسبتها 11.8%، فيما قفزت قيمة هذه الشيكات بنسبة 18.3%، حيث وصل عدد الشيكات المرفوضة من قبل البنوك إلى 50 ألف شيك شهريا، رغم تصريحات عبد الرحيم بوعزة، المدير العام للبنك المركزي، الذي أكد انخفاض حصة الشيكات ضمن معاملات الأداء من 40 في المائة إلى 6 في المائة خلال 10 سنوات، لصالح التحويلات، خصوصا التحويلات الفورية، والبطاقات البنكية، التي ارتفعت حصصها إلى 45 في المائة و34 في المائة على التوالي.
يشار إلى أنه أصبح بإمكان التجار والمقاولات، حاليا، الاطلاع مسبقا على المعطيات الكاملة عن الشيك المتوصل به، وذلك بعدما فوض بنك المغرب تدبير مصلحة مركزة الشيكات غير الصحيحة لشركة خاصة تتكفل بتجميع المعطيات المتعلقة بالحسابات المقفلة والبيانات البنكية للأشخاص الصادر في حقهم منع بنكي أو قضائي، والاعتراضات على الشيكات، والشيكات غير الصحيحة.