أعلنت جامعة “تكساس إيه آند أم” الأميركية، في بيان لها امس الجمعة، أنها ستغلق حرمها الجامعي في قطر “بسبب عدم الاستقرار المتزايد في الشرق الأوسط”؛ وذلك نتيجة التأثير الواضح للصورة التي تشكلت عن قطر خلال حرب غزة، حيث يُنظَر إلى الدوحة على أنها تدعم حركة حماس وتستضيف أبرز قادتها، وقد يكون موقف الجامعة مؤشرا أول على بداية المقاطعة الأميركية لقطر.
وجاء في موقع صحيفة العرب، أن مجلس أمناء نظام جامعة “تكساس إيه آند أم” صوت، أمس الخميس، على إنهاء عقده مع مؤسسة قطر للتعليم والعلوم وتنمية المجتمع، التي تمول فرع الجامعة الرئيسي في قطر. وينهي هذا برنامجا دام 20 عاما.
ويعني التصويت، تضيف الصحيفة، على إنهاء العقد مع مؤسسة قطر للتعليم والعلوم وتنمية المجتمع، التي تديرها الحكومة القطرية، أن الجامعة ستشرع في تقليص الحرم في الدوحة خلال السنوات الأربع المقبلة قبل إغلاق أبوابها رسميا. وأُبرِم العقد الحالي في 2021 وكان من المقرر أن ينتهي في 30 يونيو 2033.
وقال المجلس في بيان صحفي بعد التصويت إن المجلس قرر إعادة تقييم وجود الجامعة في قطر هذا الخريف “بسبب عدم الاستقرار المتزايد في الشرق الأوسط”.
ويأتي هذا القرار، حسب المصدر ذاته، في مرحلة يطرح خلالها معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية في واشنطن مسائل مماثلة. وانطلقت مراجعته للشراكة بين المؤسسة التي تديرها الدولة والجامعة في أكتوبر الماضي، بُعَيْد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
وأرسلت المنظمة غير الربحية، التي تصف نفسها على موقعها في الإنترنت بأنها مركز “مخصص للدراسة الأكاديمية لمعاداة السامية”، رسالة إلى المسؤولين الأميركيين في يناير الماضي قالت فيها إن لقطر “ملكية كبيرة” لحقوق تطوير الأسلحة وأبحاث الهندسة النووية في حرم جامعة “تكساس إيه آند أم”، معتبرة أن هذا يجسّد تهديدا للأمن القومي.
وجاءت الرسالة بعد بضعة أشهر من إصدار معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية تقريرا من 17 صفحة ذكر فيه أنه اكتشف “علاقة مقلقة بين قطر وجامعة تكساس إيه آند أم”.
ويشير التقرير، الذي صدر بعد مرور وقت قصير على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، إلى أن الحركة “ممولة على نطاق واسع من قطر” وأن الدوحة تحافظ على علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين.
ونفت الجامعة بشدة الاتهامات المتعلقة بأبحاثها. وكتب رئيس الجامعة مارك ويلش في رسالة الشهر الماضي إلى مجتمع الحرم الجامعي أن الفرع في قطر لا يقدم برنامجا للهندسة النووية، وأن “التلميح بأننا نسرب إلى أحدهم بيانات أبحاث الأمن القومي بطريقة ما أو نعرّضها للخطر هو أمر خاطئ وغير مسؤول”.
وانتقدت مؤسسة قطر قرار الانسحاب يوم الخميس. واتهمت، في رسالة بالبريد الإلكتروني عن متحدث باسمها، مجلس الإدارة بالتأثر بحملة تضليل “تهدف إلى الإضرار بمصالحها”. لكنها لم تحدد المعلومات المضللة التي تشير إليها.
يأتي قرار الجامعة الأميركية إغلاق فرعها في قطر بالتوازي مع الجدل الذي أثارته تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واتهم فيها الدوحة بتمويل حماس، معتبرا أن دور الوساطة القطرية “إشكاليّ”.
ورغم حاجة إدارة الرئيس جو بايدن إلى قطر في فتح قنوات التواصل مع حماس وممارسة الضغط عليها، تقول جريدة العرب، إلا أن الرأي العام الأميركي لا يهتم كثيرا بهذه التفاصيل؛ فما يعلق في الأذهان هو الدعم المقدم إلى حماس المصنفة حركة إرهابية في الولايات المتحدة.
“ومن الواضح أن غلق الجامعة الأميركية لفرعها هو خطوة من سلسلة خطوات ستلجأ إليها الدولة العميقة في الولايات المتحدة لمعاقبة قطر بغض النظر عما إذا كانت قريبة إلى إدارة بايدن أم بعيدة عنها” تضيف صحيفة العرب.
وكان منتدى الشرق الأوسط الذي يُحسب على اللوبي اليهودي الأميركي قد وجه خلال اجتماعات له في يناير الماضي رسائل إلى 12 شركة وصندوق تحوط، يحثها فيها على قطع علاقاتها الاستثمارية مع جهاز قطر للاستثمار.
وأطلق المنتدى حملة رقمية على موقعه الإلكتروني يحث من خلالها “شركات الاستثمار الأميركية والشركات الخاصة على قطع علاقاتها الاستثمارية مع قطر ردا على دعمها مذبحةَ حماس في إسرائيل”.
لكن جو أورا، الأستاذ السابق في جامعة “تكساس إيه آند أم” – قطر، والذي يدرّس الآن في جامعة كليمسون، قال إن منطق المجلس الذي قرر المغادرة وسط التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط يبدو “ضعيفا”، نظرا إلى أن الحرم الجامعي فتح أبوابه بعد فترة وجيزة من هجمات 11 سبتمبر ولم ينسحب خلال الصراعات الإقليمية الأخرى، بما في ذلك المقاطعة التي قادتها المملكة العربية السعودية ضد دولة قطر.
واعتبر أن “فكرة الصراع العسكري الإسرائيلي البعيد عن قطر تبدو مصطنعة”. وافتتحت الجامعة حرمها الجامعي في قطر خلال 2003 لتعزيز التعليم الهندسي والبحث في الشرق الأوسط، وهي منطقة رئيسية للنفط والغاز.
وتخرج أكثر من 1500 طالب من البرنامج ويلتحق به حاليا 730 طالبا، حسب بيانات الجامعة. وتعدّ “تكساس إيه آند أم” واحدة من ست جامعات أميركية تدير موقعا في المدينة التعليمية بالدوحة، بما في ذلك جامعة فرجينيا كومنولث وجامعة جورج تاون وجامعة نورث وسترن. وأنهت جامعة لندن عقدها مع مؤسسة قطر في 2020 ضمن التغييرات التي أدخلتها على أولوياتها الأكاديمية.
وتدفع مؤسسة قطر تكاليف جميع عمليات الحرم الجامعي حيث تبقى جامعة “إيه آند أم” مؤسسة عامة ولا يمكن استخدام أي تمويل حكومي أو إيرادات الرسوم الدراسية لسد المدفوعات. ولم يُحدد مقدار الأموال التي تتلقاها الجامعة سنويًا من العقد. وذكرت صحيفة واشنطن بوست في 2016 أن المدرسة تلقت أكثر من 76 مليون دولار لتشغيل فرعها القطري.
ووفقا لنظام الجامعة سيشكّل المدراء المعنيون فريقا لضمان قدرة الطلاب على إكمال تعليمهم، وقدرة الجامعة على الوفاء بالتزاماتها البحثية الحالية، ودعم أعضاء هيئة التدريس.
عن موقع جريدة العرب بتصرف