تشهد قاعة محكمة العدل الدولية في لاهاي، مشهدًا تاريخيًا اليوم الخميس، إذ تبدأ جلسات استثنائية للنظر في دعوى دولة جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، التي تتهمها فيها بارتكاب “إبادة جماعية” في قطاع غزة، بالحرب الدائرة منذ 95 يومًا، ووسط هذا الجو المشحون، ستعرض “كيب تاون” اتهاماتها، فيما سترد تل أبيب بحججها الدفاعية في اليوم التالي.
وتضم هيئة المحكمة 15 قاضيًا دوليًا من ذوي الخبرة والاختصاص، بالإضافة إلى قاضٍ خاص عن كل طرف، سيكونان الرئيس السابق للمحكمة العليا الإسرائيلية أهارون باراك، ونائب رئيس المحكمة العليا بجنوب إفريقيا السابق ديكجانج موسينيكي.
تترأس محكمة العدل الدولية في قضية إسرائيل القاضية الأمريكية جوان دوناهيو، التي تشغل هذا المنصب منذ عام 2021. ويُنتظر أن تحافظ دوناهيو على استقلالية المحكمة وعدم تسييس قراراتها، أما نائب رئيسة المحكمة فهو القاضي الروسي كيريل جيفورجيان، والذي اعترض سابقًا على التدخل القضائي ضد روسيا في قضية أوكرانيا، العام الماضي.
كما تضم هيئة المحكمة عددًا من القضاة العرب والمسلمين بالإضافة إلى قاضٍ يهودي، وهم محمد بنونة من المغرب، وعبد القوي أحمد يوسف من الصومال، ونواف سلام من لبنان، وروني أبراهام (يهودي) من فرنسا، المعروف بانتقاده لسياسات إسرائيل.
وينتمي القضاة الـ15 إلى دول مختلفة، اختيروا لضمان التمثيل الجغرافي والتنوع في الخلفيات والأساليب القانونية. وسيواجه هؤلاء مسؤولية كبيرة في إصدار حكم قد يشكل سابقة خطيرة في محاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية على المستوى الدولي.
رئيسة محكمة أمريكية ونائبها روسي
ترأس محكمة العدل الدولية الأمريكية جوان دوناهيو وتعمل فيها منذ عام 2010، وترأستها منذ فبراير عام 2021، ويتوقع أن تتقاعد في فبراير 2024.
عملت “دوناهيو” سابقًا نائبة للمستشار القانوني بوزارة الخارجية الأمريكية ومستشارة لإدارتي كلينتون وأوباما في قضايا القانون الدولي، تُعرف باستقلالها وبُعدها عن التسييس، وترى أن دور المحكمة تفسير القانون الدوّلي القائم وتطويره، ويتمثل نهجها القانوني في أن المحكمة ليست “جزيرة منعزلة”، فهي تعتبرها آلية تشكل جزءًا من نظام كامل للمنظمات الدولية.
نائب رئيس المحكمة هو القاضي الروسي كيريل جيفورجيان، الذي انضم إلى هيئتها في 2015 ويشغل منصبه الحالي منذ فبراير 2021.
عمل جيفورجيان سابقًا مستشارًا قانونيًا بوزارة خارجية روسيا وسفيرًا لدى هولندا، كما مثَّل بلاده في عدد من القضايا أمام محكمة العدل الدولية.
ويؤيد جيفورجيان الاختصاص الواسع لمحكمة العدل الدولية في ما يتعلق بالآراء الاستشارية، وصوَّت مع القاضية الصينية ضد قرار المحكمة المؤقت، الذي يطالب روسيا بوقف أي نشاط عسكري ضد أوكرانيا.
قضاة عرب مسلمون ويهودي
القاضي روني أبراهام من فرنسا، عمل قاضيًا منذ 2005 وكان رئيس المحكمة بين 2015 و2018، أستاذ للقانون الدولي ولد بمدينة الإسكندرية المصرية، ويدير القسم القانوني في وزارة الخارجية الفرنسية، وعمل قاضيًا في المحاكم الإدارية بفرنسا. ورغم أصوله اليهودية، يُعرف بانتقاده لسياسات إسرائيل وشارك في رأي محكمة حول جدار الفصل.
عام 2004، أصدرت المحكمة رأيًا استشاريًا بناءً على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، ذكرت فيه أن بناء جدار الفصل في الضفة الغربية ينتهك القانون الدولي.
واعتبر أبراهام أن طلب الرأي الاستشاري قد يشكل سابقة خطيرة، لأنه قد يفتح الباب أمام إحالة قضايا خارجة عن اختصاصها إلى المحكمة ما لم تكن مصحوبة برأي استشاري. وفضلاً عن ذلك، يرى أن مشاركة المحكمة في هذه العملية تضر بإمكانية استمرار الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأن هذا الصراع يحمل طبيعة سياسية.
وقال أبراهام -باسم فرنسا- إن السياج ينتهك القانون الدولي، ورغم أنه ذكر تصريحات للحكومة الإسرائيلية لإظهار أنه إجراء مؤقت وبالتالي ليس ضمًا، أشار إلى أن الاحتلال طال أمده، وأن ذلك يفرض التزامات أقوى على إسرائيل. وقال إنها ملزمة بالتعويض عن بناء السياج ووقف بنائه.
المغربي محمد بنونة
يشغل منصب قاضٍ منذ 2006 وانتهاء ولايته متوقع في فبراير 2024. شغل سابقًا منصب سفير المغرب لدى الأمم المتحدة. أعرب عن استعداده للنظر في اعتبارات غير قانونية، وانضم إلى رأي الأغلبية في قضية أوكرانيا، كما عارض قرارًا يفيد بعدم تورط صربيا في الإبادة الجماعية بالبوسنة.
أما عبد القوي أحمد يوسف من الصومال عمل قاضيًا منذ 2009، وكان رئيس المحكمة بين 2018 و2021، وشغل سابقًا منصب مستشار قانوني في اليونسكو، ومثَّل الصومال في التجمعات الدولية.
شارك عبد القوي في إفطار مع السفير الإسرائيلي وافتتح خلال فترة رئاسته محاضرة اليوم العالمي للمحرقة.
القاضي نواف سلام من لبنان عُيِّن قاضيًا في المحكمة عام 2018 ونهاية ولايته المتوقعة عام 2027، مثَّل لبنان في الأمم المتحدة، بما في ذلك خلال فترة عمله في مجلس الأمن، وعمل سابقًا محاميًا خاصًا في الولايات المتحدة أيضًا.
أبدى “سلام” مواقف مناهضة لإسرائيل، وفي دعوى قضائية بين دولتي “جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا” ادعى أنه في حالات الاحتلال ينبغي أن يقع عبء إثبات منخفض للغاية على الطرف المدعي، أو ينبغي أن يقع عبء الإثبات على قوة الاحتلال.
قضاة من كل بقاع الأرض
القاضي بيتر تومكا من سلوفاكيا عمل في المحكمة منذ عام 2003 وشغل رئاسة المحكمة من 2012 إلى 2015، وعمل مستشارًا قانونيًا لوزارة الخارجية السلوفاكية، وسفيرًا لسلوفاكيا لدى الأمم المتحدة، وعضوًا في لجنة القانون الدولي.
يتسم بتبني نهج قانوني محافظ وانتقد قرارات المحكمة في القضايا المتعلقة بكوسوفو وجورجيا وروسيا، مع التأكيد على أهمية دراسة جرائم الإبادة الجماعية في سياق دعوى جنائية.
وأثناء عمله رئيسًا للمحكمة التقى رفقة بقية قضاة المحكمة بالرئيس الإسرائيلي في ذلك الوقت شيمون بيريز.
القاضية شو هينجين من الصين، عملت في المحكمة منذ عام 2010 ومن المتوقع أن تستمر في المنصب حتى عام 2030، أكدت على استخدام أوكرانيا للمحكمة لأغراض سياسية وعارضت وصوّتت ضد تدابير وقف النشاط العسكري الروسي في أوكرانيا العام الماضي، وقادت سابقًا الإدارة القانونية في وزارة الخارجية الصينية وعملت سفيرةً للصين لدى لاهاي.
القاضية جوليا سابوتيندا من أوغندا عملت في المحكمة منذ عام 2012، ومن المتوقع أن تستمر في المنصب حتى عام 2030، عملت في وزارة العدل الأوغندية وشغلت منصب قاضية في المحكمة العليا في البلاد.
القاضية هيلاري تشارلزوورث من أستراليا تم تعيينها في المحكمة عام 2021 ومن المتوقع أن تستمر في المنصب حتى عام 2033. سبق لها أن انتقدت قرارات مجلس الأمن التي منحت التحالف في العراق سلطات واسعة دون قيود، مشيرة إلى انتهاكات حقوق الإنسان.
القاضي يوجي إيواساوا من اليابان في المحكمة منذ عام 2018 ومن المتوقع أن يستمر حتى عام 2030. اهتم بالعلاقة بين القانون الدولي وقانون الدولة بالأخص في السياق الياباني.
القاضي ديلفير بانداري من الهند في المحكمة منذ عام 2012 ومن المتوقع أن ينتهي ولايته في عام 2027.
شغل سابقًا منصب قاضٍ في المحكمة العليا في الهند، وفي 2015 جاء إلى إسرائيل مع القاضيين تومكا وجيبورجيان، وترأس الثلاثة محاكمة فضائية دولية، كجزء من اتفاقية الفضاء العالمية التي عُقِدَت في إسرائيل.
القاضي ليوناردو نيمير كالديرا برانت من البرازيل عُيِّنَ في المحكمة عام 2022 بدلاً من قاضٍ توفي أثناء خدمته، وهو شاب أكاديمي، اعتبر منظمة التحرير الفلسطينية “إرهابية”، لكنه ادعى أيضًا أن عصابات الهاجاناه استخدمت الإرهاب في فلسطين في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية.
القاضي باتريك ليبتون روبنسون من جامايكا، في المحكمة منذ 2015، متوقع تقاعده في فبراير 2024.
عمل في عدد من المناصب قانونية بحكومة بلاده، وصوت لصالح التدابير المؤقتة ضد روسيا في أوكرانيا.
القاضي جورج نولتي من ألمانيا، في المحكمة منذ 2021، متوقع انتهاء ولايته في 2030، وهو عضو سابق في لجنة القانون الدولي.
أكاديمي يدرس حق الدفاع عن النفس ويحث على تقييد أغراضه لتجنب إساءة استخدامه، مع التأكيد على مبدأ التناسب بين الهدف والوسائل.