“الترمضينة” في الأسواق.. ظاهرة تعود مع بداية كل رمضان

مع حلول شهر رمضان من كل عام، تعود ظاهرة “الترمضينة” لتفرض نفسها في الأسواق المغربية، حيث تشهد الفضاءات العامة والأزقة والطرقات توتراً غير مألوف وسلوكيات تصل أحياناً إلى العنف الجسدي واللفظي. هذه الظاهرة، التي أصبحت جزءاً من المشهد الرمضاني، تبرز بشكل خاص في الأسواق الشعبية حيث يزداد الازدحام، ويتفاقم الضغط النفسي لدى بعض الصائمين.

سلوكيات انفجارية مع اقتراب الإفطار
يُلاحظ أن هذه الظاهرة تشتد مع اقتراب موعد الإفطار، حيث يصبح بعض الأشخاص أكثر حساسية واستعداداً للانفعال لأتفه الأسباب، وكأنهم “قنابل موقوتة” على وشك الانفجار. ويعزو العديد من المتابعين هذه السلوكيات إلى التأثيرات الجسدية والنفسية للصيام، خاصة عند المدخنين أو المعتادين على تناول المنبهات مثل القهوة، الذين يجدون صعوبة في التأقلم مع ساعات الصيام الطويلة.

انعكاسات اجتماعية وسلوكية
يؤكد الباحث في علم الاجتماع، محمد بنعيسى، أن “الترمضينة” ليست مجرد رد فعل بيولوجي ناتج عن الجوع والعطش، بل تعكس ضغوطاً نفسية واجتماعية متراكمة. ويوضح أن الصيام هو فرصة لضبط النفس والابتعاد عن النزاعات، إلا أن البعض يحوله إلى مبرر للانفعال والغضب. ويرى أن الظاهرة أكثر انتشاراً في الأحياء الشعبية والأسواق المكتظة، حيث التفاعل اليومي بين الأفراد يكون مباشراً وحاداً، بينما تقل في المناطق الراقية حيث يتم التعامل مع الخلافات بطرق أكثر هدوءاً.

بين قدسية رمضان وواقع الأسواق
رمضان هو شهر الرحمة والتسامح، لكنه يشهد paradoxًا غريباً، حيث تتزايد بعض السلوكيات التي تناقض القيم الدينية، مثل المشاجرات والنزاعات التي تصل أحياناً إلى العنف الجسدي. وتطرح هذه الظاهرة تساؤلات حول مدى قدرة المجتمع على ضبط النفس خلال هذا الشهر، الذي يُفترض أن يكون مناسبة للتسامح والتأمل الروحي.

كيف يمكن الحد من الظاهرة؟
يرى خبراء علم النفس والاجتماع أن الحل يكمن في تعزيز ثقافة الوعي وضبط النفس، إضافة إلى تنظيم حملات توعوية حول أهمية التحكم في الغضب خلال شهر رمضان. كما يُنصح بممارسة أنشطة تهدئ الأعصاب مثل المشي أو الاستماع للموسيقى الهادئة، بدلاً من الانخراط في مشاحنات غير ضرورية.

وفي انتظار أن تتغير هذه العادات، يبقى “سوق الترمضينة” مشهداً متكرراً في رمضان، حيث تتجلى المفارقة بين قدسية الشهر الفضيل، وضغوط الحياة اليومية التي تُخرج البعض عن طورهم.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى