
في مشهد يتكرر مع كل دورة انتخابية، يلاحظ المواطنون أن بعض رؤساء الجماعات والبرلمانيين يختفون عن الأنظار فور انتخابهم، ليعودوا للظهور فقط مع اقتراب نهاية ولايتهم بحثًا عن تجديد الثقة. هذه الظاهرة، التي باتت مألوفة في المشهد السياسي، تثير استياء الناخبين الذين يجدون أنفسهم أمام وعود لم تُحقق ومسؤولين تلاشت آثارهم بعد الفوز بالمقاعد الانتخابية.
يتفق العديد من المواطنين على أن بعض المنتخبين يبالغون في التواصل خلال الحملات الانتخابية، حيث يملؤون الشوارع بالوعود واللقاءات والبرامج الطموحة، لكن بمجرد فوزهم، يتحول المشهد إلى صمت مطبق. فلا لقاءات مباشرة مع المواطنين، ولا تفاعل مع مشاكلهم، بل أحيانًا يتوارى هؤلاء عن الأنظار، وكأنهم غير معنيين بتدبير الشأن العام. وتصبح مكاتبهم شبه مغلقة أمام الساكنة، إلا في المناسبات الرسمية أو عند الضرورة القصوى.
من جهة أخرى، هناك نوع آخر من المسؤولين المنتخبين الذين، رغم بقائهم في مناصبهم، يفتقرون إلى الفاعلية والقدرة على التسيير. ضعف مردوديتهم يجعلهم غير قادرين على مواجهة المواطنين، فيتجنبون اللقاءات، ويفضلون عدم الالتحاق بمكاتبهم حتى لا يواجهوا مطالب الساكنة التي تبدو لهم عبئًا ثقيلًا. وهؤلاء المسؤولون غالبًا ما يفتقدون للكفاءة أو الإرادة السياسية للقيام بمهامهم، مما يجعل ولايتهم تمر دون إنجازات تُذكر.
جهة سوس ماسة ليست استثناءً من هذه الظاهرة، حيث يعاني العديد من المواطنين من غياب منتخبيهم عن الساحة بعد فوزهم. في بعض الجماعات، يشكو السكان من عدم رؤية رئيس الجماعة إلا في المناسبات الانتخابية، بينما في جماعات أخرى، يشتكي المواطنون من عدم تجاوب برلمانييهم مع مشاكلهم اليومية، مما يجعلهم يشعرون بالإقصاء والتهميش. هذه النماذج تعكس خللًا كبيرًا في تدبير الشأن المحلي، وتزيد من الإحباط لدى الساكنة التي كانت تنتظر تحسين أوضاعها.
غياب التواصل الفعّال بين المنتخبين والناخبين يؤدي إلى أزمة ثقة في العملية الانتخابية برمتها. إذ يشعر المواطنون بأنهم مجرد أدوات تُستغل خلال الانتخابات، ثم يتم التخلي عنهم فور انتهاء الاستحقاقات. هذا الإحباط يؤدي إلى عزوف انتخابي متزايد، حيث يفقد الناس الإيمان بجدوى التصويت، مما يفتح المجال أمام استمرار نفس الممارسات السياسية دون محاسبة.
للحد من هذه الظاهرة، يجب تعزيز آليات المحاسبة والمراقبة على أداء المنتخبين، سواء من خلال المجتمع المدني أو المؤسسات الرقابية. كما أن المواطنين أنفسهم مطالبون بعدم الوقوع في فخ الشعارات الرنانة، والحرص على اختيار ممثلين لهم رصيد من النزاهة والكفاءة.
يظل الوعي الشعبي هو السلاح الأقوى في مواجهة هذه الظواهر، فالمسؤول المنتخب ليس سوى انعكاس لاختيارات الناخبين، وإعادة إنتاج نفس الأخطاء تعني استمرار نفس النتائج.