القرار الملكي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة مؤدى عنه هو قرار سياسي شجاع

القرار الملكي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة مؤدى عنه، هو قرار سياسي شجاع، وهو حدث تاريخي مهم جدا بالنسبة لنا داخل الحركة الامازيغية التي ناضلت وضحت منذ عقود طويلة، وخاضت معارك فكرية وسياسية وثقافية مريرة في ظروف صعبة وقاسية جدا، من أجل الاعتراف بالهوية الأمازيغية في جميع تجلياتها لغة وثقافة وتاريخ وحضارة… ، ضح في سبيل ذلك شهداء ومعتقلين ومفكرين ومثقفين وشعراء وكتاب وطلبة ومبدعين كرسوا حياتهم من أجل تحقيق العديد من المطالب الأمازيغية والتي يشكل الاعتراف برأس السنة الأمازيغية إحدى مطالبها الجوهرية والأساسية بعد ترسيم اللغة الامازيغية في الدستور…
كما أن هذا القرار الملكي جاء ليؤكد التجربة المغربية الفريدة في تدبير التعدد اللغوي والثقافي في المغرب، وهي تجربة بدأها الملك محمد السادس منذ سنة 2001 في خطاب أجدير الذي أحدث آنذاك قطيعة في بنية الدولة في شأن قضية سياسية حارقة وهي قضية الهوية، عن طريق الاعتراف بالأمازيغية والدعوة إلى إنصافها، ومنذ ذلك الحين بدأت مأسسة الأمازيغية في المغرب بخلق معهد ملكي والاعتراف الرسمي باعتماد حروف تيفناغ لكتابة الأمازيغية و إدماجها في المدرسة سنة 2003 ثم افتتاح القناة التلفزية الأمازيغية سنة 2010، وتوج هذا المسار بترسيم اللغة الامازيغية في الدستور كلغة رسمية للدولة.
وهذا الإقرار الملكي برأس السنة الأمازيغية له رمزية تاريخية وثقافية عميقة لأنه يربط المغرب بجذوره الممتدة في التاريخ القديم، كما هو عيد مرتبط بالأرض وليس بالدين، وبالتالي فإن المغرب تصالح مع تاريخه وتخلص من جميع العقد التاريخية، والاحتفال برأس السنة الأمازيغية الذي يقارب 3000 سنة يعني أن المملكة المغربية الآن هي امتداد للممالك الأمازيغية القديمة، وهذا معناه أن المغرب بلد عريق جدا في العالم، وهذا مهم للغاية في تماسك الهوية المغربية التي تستمد قوتها في التنوع والتعدد، وهذا ماكانت تصبو إليه الحركة الأمازيغية التي رفعت شعار “الوحدة في التنوع” منذ الدورة الأولى للجامعة الصيفية سنة 1980 بمدينة اگادير، وهو الملتقى الذي منعته السلطات آنذاك..
كما أن الأكثر أهمية في هذا القرار الملكي الحكيم، هو السياق السياسي الذي جاء فيه، وهو التراجعات الخطيرة عن المكتسبات الأمازيغية في ظل هذه الحكومة التي بدأت في التنصل من الالتزام الدستوري بشأن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وقد بدأت هذه الحكومة بتحجيم تدريس الأمازيغية وتجميدها في وسائل الإعلام العمومي كما أن الأمازيغية لاتزال تراوح مكانها في الإدارات والفضاءات العمومية الأخرى… ويأتي هذا القرار الملكي لتنبيه الحكومة وباقي الفاعلين السياسيين بضرورة تطبيق الدستور وتحقيق كافة المطالب الأمازيغية وتمتيع اللغة والثقافة الأمازيغية بجميع حقوقها الدستورية والتاريخية…
عبدالله بوشطارت،
كاتب وفاعل امازيغي
دكتور في التاريخ

الأخبار ذات الصلة

المزيد من الأخبار جار التحميل...لا يوجد المزيد من الأخبار