
يعيش حي إكبار بالمزار التابع لجماعة آيت ملول على صفيح ساخن، بعد أن عبّر عدد من سكانه عن رفضهم القاطع لمحاولة تثبيت جهاز إرسال لاسلكي تابع لإحدى شركات الاتصالات. هذا الجهاز، وهو الثاني من نوعه في المنطقة، أثار موجة من القلق والاستياء وسط الساكنة التي تؤكد أن الأرض التي سيُركب عليها الهوائي كانت قد وهبها بعض شرفاء حي المزار للجماعة للمنفعة العامة، وليس لتأجيرها للخواص وشركات الاتصالات.
ووفق شكايات توصلت بها الجريدة من عدد من السكان، فإن الشركة شرعت في التحضيرات الأولية لتركيب الجهاز الجديد دون أي استشارة مسبقة أو مراعاة لتخوفات الساكنة، التي تعتبر مثل هذه الأجهزة “ضارة بالصحة”، خاصة مع تزايد التحذيرات بشأن احتمال تأثيرها على البيئة والسلامة الصحية، رغم الجدل العلمي المستمر حول ذلك.
وأكد السكان في تصريحات متفرقة أن الحي لا يحتاج مزيدًا من “اللواقط الهوائية” بل إلى تحسين في البنية التحتية، وصيانة الطرق، وتوفير الإنارة العمومية، والمرافق الأساسية، معتبرين أن تثبيت هذه الأجهزة يُعد تجاهلًا صارخًا لأولويات المنطقة، ويزيد من شعورهم بالتهميش والإقصاء، في ظل ما وصفوه بـ”ردّ فعل سياسي انتقامي” على خلفية الصراعات القائمة داخل المجلس الجماعي.
“في الوقت الذي ننتظر فيه إصلاح الأزقة، وإنشاء ملعب للقرب، أو فضاء للأطفال،وتقوية الإنارة، يأتون بجهاز إرسال ثانٍ وكأن الحي أصبح مكبًّا للتجهيزات التي ترفضها أحياء أخرى” يقول أحد المتضررين، مضيفًا: “نحن لا نرفض التطور التقني، ولكن ليس على حساب صحتنا، ولا دون استشارتنا”.
من جهتهم، دعوا السلطات المحلية والمجلس الجماعي إلى اتخاذ تدابير عاجلة لإيقاف عملية التثبيت، وفتح تحقيق في ظروف الترخيص لمثل هذه المشاريع الحساسة داخل الأحياء السكنية، مع التأكيد على ضرورة احترام رغبة السكان ومراعاة احتياجاتهم التنموية والبيئية.
وتأتي هذه التطورات في سياق تصاعد شكاوى مماثلة من أحياء أخرى بآيت ملول خلال السنوات الأخيرة، مما يُعيد إلى الواجهة سؤال التوازن بين متطلبات البنية التحتية الرقمية، وحق السكان في بيئة سليمة وآمنة.
فهل يتحرك المجلس الجماعي هذه المرة لحماية مصالح الساكنة؟ أم أن منطق التجاهل سيستمر، رغم ما يثيره من غضب واحتقان اجتماعي متزايد؟