استضافت مدينة تارودانت، يومي 24 و25 يناير، برنامج “ضفاف شعرية” الجديد، الذي نظمته بالتعاون مع دار الشعر بمراكش والمديرية الإقليمية للثقافة. شهد الحدث مشاركة نخبة من الشعراء، من بينهم مولاي الحسن الحسيني، ليلى بارع، وعلي شوهاد، حيث قدموا باقة متنوعة من القصائد التي عكست ثراء المشهد الشعري المغربي وتعدد ألسنته.
قدم الشاعر والفنان علي شوهاد، أحد رموز وأيقونات الشعر الأمازيغي، والذي يُعزى إليه الفضل في تأسيس مجموعة “ارشاش” في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وأحد التجارب الشعرية التي رسمت مسارًا متفردًا في المنجز الشعري الأمازيغي، بعضًا من قصائده التي تغنى فيها بالإنسان، بأسلوب متفرد في الإلقاء، وبمزج خلاق بين النظم والإنشاد.
في برنامج يحتفي بالأماسي الشعرية ويُبرز التعدد الإبداعي المغربي، أبدعت الإعلامية صوفية الصافي في تقديم فقراته. كما حضر الفنان الروداني إسماعيل أسقور، حيث رافق الفقرات الموسيقية بعزف على آلة الهجهوج، ما أضفى لحظة فنية تتمازج مع الإلقاء الشعري وزخم المكان التراثي الأصيل، الذي يعكس فنًّا متجذرًا في أعماق الجنوب. قرأ الشاعر مولاي الحسن الحسيني، الذي ظل مخلصًا لأفق القصيدة العمودية وراعياً لأجيالها الشابة، قصائد تجمع بين الكتابة بالفصحى والأمازيغية، ليؤكد مكانته كأحد رموز منتدى الأدب المغربي في الجنوب.
وشاركت الشاعرة والإعلامية ليلى بارع في “ضفاف”، حاملة قصائد من ديوانها الجديد “همس الفراشات”، الذي يأتي استكمالًا لمسار إصداراتها الشعرية. افتتحت الشاعرة قراءاتها بقصيدة “لحظة النسيان”، ثم تلتها نصوص أخرى تحفر في كينونتها، لتعكس رؤى شعرية عميقة. نسجت قصائد “ضفاف شعرية” سمات التعدد الشعري، بين أنماط مختلفة من الكتابة وتنوع لغوي وخيارات ورؤى تعزز من إخصاب التجربة الشعرية المغربية.
فضاء تارودانت، بما يمتاز به من زخم تاريخي وهوياتي، شكّل نموذجًا حيًا للتعايش الخلاق بين أنماط الإبداع الشعري. في ديوان “ضفاف شعرية”، جاء هذا السفر الشعري والثقافي الجديد لدار الشعر بمراكش ليكون نافذةً مفتوحة على تجارب وأجيال القصيدة المغربية، وتعبيرًا مضاعفًا عن إرادة قوية للاحتفاء بالتعدد اللغوي والثقافي المغربي. أجيال الشعر المغربي، بحساسياتها المختلفة، تواصل مسار كتابة سيرها الشعرية وترسيخ أفق القصيدة المغربية بانفتاحها على أسئلة الذات والكتابة.