في السنوات الأخيرة، ظهرت ظاهرة مقلقة تتعلق باستغلال بعض الفاعلين الجمعويين لجمعيات، حيث يتم استغلالها كأداة لتحقيق مكاسب شخصية. وقد أثار هذا الموضوع العديد من التساؤلات حول مصداقية العمل الجمعوي في المغرب، ودوره في حماية حقوق الفئات الهشة، خاصة الأطفال.
تعتبر الجمعيات العاملة في مجال حقوق الأطفال أحد أبرز الآليات التي تمثل صوت الفئات الضعيفة، وتعمل على تحسين أوضاعهم وحمايتهم من مختلف أشكال الاستغلال والإساءة. ومع ذلك، فإن بعض الفاعلين الجمعويين، الذين يبدون اهتمامًا بهذه القضايا الإنسانية، يعمدون إلى استغلال هذه الجمعيات لأغراض شخصية، مستفيدين من التمويلات التي تخصصها المؤسسات الحكومية والدولية لدعم هذه المبادرات.
حالات استغلال مالية
تتمثل أبرز مظاهر الاستغلال في استغلال الدعم المالي الذي تقدمه الدولة والمنظمات الدولية لتنفيذ مشاريع تهدف إلى رعاية الأطفال. فبعض المسؤولين عن هذه الجمعيات قد يوجهون هذه الأموال بعيدًا عن أهدافها الحقيقية، مستغلين الثغرات القانونية والإدارية للتهرب من الرقابة، وبالتالي تحصيل أموال دون تقديم أي نتائج ملموسة في الميدان.
في العديد من الحالات، يتم تسجيل مشاريع وهمية أو لا تلتزم بالمعايير المهنية. وفي بعض الأحيان، يُستخدم الاسم المرموق للجمعية كوسيلة لجذب التمويلات، دون تنفيذ مشاريع حقيقية تخدم الأطفال أو تدعم برامج التأهيل والوقاية.
الإساءة لمصداقية العمل الجمعوي
إن هذه الممارسات لا تهدد فقط استدامة الجمعيات التي تلتزم بأخلاقيات العمل الجمعوي، ولكنها تسيء إلى سمعة القطاع ككل، حيث يتشوه مفهوم العمل التطوعي في أعين المجتمع، وتصبح الجمعيات مجرد أداة للاستفادة الشخصية. وقد يساهم هذا في تراجع الثقة في الجمعيات وفي الأدوار التي يمكن أن تلعبها في تطوير المجتمع وحماية الحقوق الأساسية.
دعوات للإصلاح والمحاسبة
من أجل محاربة هذه الظاهرة، هناك حاجة ملحة إلى تعزيز الشفافية والمساءلة داخل القطاع الجمعوي، خصوصًا في ما يتعلق بالمشاريع الموجهة للأطفال. ويجب على السلطات الحكومية والمجالس المحلية تشديد الرقابة على توزيع الأموال والمساعدات الخاصة بهذه الجمعيات، وضمان أن تكون هناك آليات متابعة وتقارير دورية تؤكد أن التمويلات تذهب إلى الأماكن التي تحتاجها فعلاً.
كما يجب على المجتمع المدني والإعلام أن يلعبا دورًا حيويًا في فضح هذه الممارسات، من خلال التحقيقات الصحفية والتقارير التي تكشف عن هذه الانتهاكات. ويعتبر هذا الأمر أساسيًا لعودة الثقة في الجمعيات التي تلتزم بأهدافها الحقيقية.
إن استغلال الجمعيات لأغراض شخصية يتنافى مع المبادئ التي تقوم عليها الحركة الجمعوية، خصوصًا تلك التي تهتم بحقوق الأطفال. ويجب أن يتم تسليط الضوء على هذه الظاهرة بشكل جاد، من خلال إصلاحات تشريعية وإدارية تضمن الشفافية، وتساعد على استعادة مصداقية العمل الجمعوي في المغرب.
الصورة من الأرشيف