بقلم: سعيد الهياق
الفنانة التشكيلية اليافعة أسماء الواتيقي، من مدينة أولاد تايمة بإقليم تارودانت، تشق طريقها إلى عالم الفن التشكيلي المعاصر بأعمال إبداعية مبهرة.
في حوار معها عن بُعد، سألتها: كيف ولجتِ إلى ميدان الفن التشكيلي؟
فأجابت:
“لقد انشغلتُ بالرسم منذ نعومة أظافري. كنت وأنا طفلة مهووسة برسم الأشياء التي أصادفها بتلقائية منفردة في زاوية من البيت بعيدًا عن الأعين.
في المدرسة، ازداد شغفي بالرسم أكثر وأكثر؛ فباشرتُ رسم مختلف أشكال الصور التي كانت تثير انتباهي باستخدام أقلام الألوان المتوفرة آنذاك.
وقد لاقت تلك الرسومات المبتكرة إعجاب أستاذتي في المدرسة، وحظيتُ بإشادة جماعية، مما منحني دافعًا للاستمرار.
وقد تُوجت تلك المرحلة بفوزي بالمرتبة الأولى في فئة المواهب ثلاث مرات متتالية في المسابقة التي تم تنظيمها بمدينة أولاد تايمة.
ومع مرور الأيام، اجتذبني الرسم بقوة، حتى أنه أصبح شغفي الأوحد. ومع ذلك، تزامن ذلك مع ظروف اجتماعية خاصة دفعتني لوداع الدراسة. لكن رغم كل التحديات المادية، انخرطتُ في مدرسة خاصة بفن الموضة والغرافيك، حيث تمكنتُ من صقل موهبتي واكتشاف ذاتي، ووجدتُ فيها الملاذ الذي كنت أبحث عنه.”
سؤال: وكيف كان الانتقال إلى ميدان الفن التشكيلي؟
“أكيد أن مرحلة التكوين في مدرسة الموضة والغرافيك كانت فرصة لتعلم أبجديات فن التشكيل وتصميم الأزياء العصرية. ساعدتني هذه المرحلة على اكتساب مهارات دقيقة في التصميم، مما مكّنني من اقتحام عالم الفن التشكيلي بثقة.
أدركت العلاقة الجدلية بين فن الموضة والغرافيك والفن التشكيلي، واستلهمت من ذلك تقنيات الأشكال الهندسية عبر الريشة والألوان.
نظمتُ أول معرض فردي لي بتاريخ 18 يونيو 2023، تحت عنوان: “ألماس: الحجر الذي ينكسر”. كانت تجربة ناجحة ومميزة كبداية.”
أعمال متميزة ورسائل عميقة
تتميز أعمال الفنانة العصامية أسماء الواتيقي بملامستها لقضايا كينونة المرأة بصفة عامة، وتناولها لمختلف أوجه المعيش اليومي في واقع المجتمع بتناقضاته الاجتماعية.
وقد ازدادت ثقتها بنفسها بفضل الخبرة التي اكتسبتها من معرضها الفردي الأول، بالإضافة إلى الأعمال التي قدمتها في عالم الموضة والأزياء، دون أن تغفل الاهتمام بالموروث الثقافي المادي واللامادي لمنطقتها سوس ماسة ذات الروافد الهوياتية المتعددة.
معرض جماعي بارز
شاركت أسماء بفعالية لافتة في المعرض الجماعي الذي انعقد بتاريخ 30 دجنبر 2023 بالمركب الثقافي بمدينة أولاد تايمة، تحت شعار: “الفن التشكيلي في خدمة التراث”. وقد تمت دعوتها من قبل الفنان التشكيلي المبدع يونس دريوش.
أعربت أسماء عن سعادتها العميقة بالأصداء والانطباعات الإيجابية التي خلفتها أعمالها الفنية. وقد تلقت تنويهًا خاصًا من طرف مدير الدورة الفنان التشكيلي يونس دريوش، وإشادة من الفنان التشكيلي عبد الرزاق الساخي، رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين المغاربة، بالإضافة إلى الأستاذة الباحثة فتيحة نقيبات، أستاذة الفنون الجميلة، والدكتور عماد گحمو، مدير المركز الثقافي بأيت ملول.
تحديات وطموحات
رغم الإكراهات البنيوية التي يعاني منها الفنانون التشكيليون في مدينة أولاد تايمة، مثل انعدام أروقة عرض بمواصفات عصرية وغياب الدعم أو قنوات التسويق، فإن أسماء الواتيقي عازمة على تحدي كل الصعوبات. وهي تطمح للمشاركة في معارض وطنية ودولية لتطوير موهبتها ومهاراتها.
الفنانة أسماء الواتيقي تُعتبر مثالًا للشباب الطموح الذي يتحدى الظروف لتحقيق أحلامه في عالم الفن والإبداع.