أشار تقرير جديد صادر عن معهد الولايات المتحدة للسلام، وهو معهد وطني مستقل وغير حزبي أُسس بموجب قرار من الكونغرس الأمريكي، إلى أن اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء في يوليوز 2024 يمثل خطوة هامة نحو إنهاء النزاع المستمر في المنطقة. هذا التحول في الموقف الفرنسي، الذي جاء بعد اعتراف الولايات المتحدة بمطالب المغرب في 2020، يعزز من القبول الدولي المتزايد بسيادة المغرب على الإقليم.
وبحسب التقرير، الذي أعده الباحث الأمريكي توماس م. هيل، فإن اعتراف فرنسا، باعتبارها آخر قوة استعمارية في منطقة المغرب العربي، يكتسي أهمية خاصة نظراً لنفوذها الكبير في المنطقة. يعتبر التقرير أن هذا الاعتراف الفرنسي يعكس ويعزز توافقًا دوليًا متزايدًا يدعم مطالب المغرب السيادية، وهو ما يشير إلى أن الوضع القائم في الصحراء قد يصبح دائمًا ما لم تتحرك جبهة البوليساريو بسرعة للتفاوض على تسوية مع المغرب.
تفوق عسكري وحسم دولي
يشير التقرير إلى أن التفوق العسكري الواضح للمغرب على جبهة البوليساريو يترك هذه الأخيرة بلا خيار سوى القبول في نهاية المطاف بشكل من أشكال الحكم الذاتي داخل المغرب. وفي ظل هذا الواقع، يرى التقرير أن من مصلحة جبهة البوليساريو والجزائر، الداعم الرئيسي لها، استغلال الفرصة للتفاوض على أفضل شروط سلام ممكنة مع المغرب قبل أن يصبح الوضع القائم غير قابل للتغيير.
كما يوضح التقرير أن الجزائر، التي دأبت على دعم البوليساريو كوسيلة لإزعاج المغرب، قد تجد نفسها مضطرة لإعادة النظر في موقفها والسعي لتحقيق مكاسب مباشرة من المغرب، مثل إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي بشروط أكثر ملاءمة.
خطة الحكم الذاتي: الخيار الوحيد
منذ انسحاب إسبانيا من الصحراء في 1975، أصبح المغرب يطالب بالسيادة على الإقليم، وباشر في تطويره تحت سيادته. وفي المقابل، دعمت الجزائر جبهة البوليساريو التي حاولت دون جدوى إنشاء جمهورية مستقلة. ورغم تدخل الأمم المتحدة في عام 1991 لإنهاء النزاع عبر تنظيم استفتاء شعبي حول وضع الإقليم، إلا أن هذا الاستفتاء لم يتم أبدًا، وبقيت الصحراء تحت السيطرة المغربية.
في 2020، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، وذلك بعد اعتراف المغرب بإسرائيل في إطار اتفاقيات أبراهام. ومنذ ذلك الحين، اعترفت 37 دولة أخرى بسيادة المغرب على الصحراء، وكانت آخرها فرنسا، ما يعكس تزايد التأييد الدولي لموقف المغرب.
ويرى التقرير أن استمرار الجزائر في دعم البوليساريو وعرقلة قبولهم لخطة الحكم الذاتي المغربية دون الحصول على تنازلات إضافية من المغرب، يمكن أن يؤدي إلى إطالة أمد النزاع. ومع ذلك، فإن الزخم الدولي يميل بشكل واضح لصالح المغرب، ومن المتوقع أن يصبح الصراع حول إقليم الصحراء فعليًا في حكم المنتهي في المستقبل القريب.
يدعو التقرير الصحراويين وداعميهم إلى اغتنام الفرصة الحالية للتفاوض على تسوية مع المغرب تشمل أكثر مما تم عرضه في السابق. عدم القيام بذلك سيكون بمثابة تجاهل لحقيقة أن أحد أطول الصراعات في إفريقيا يقترب أخيرًا من نهايته، وأن الوضع الراهن قد يصبح الدائم ما لم يتم التوصل إلى اتفاق تفاوضي مرضٍ للجميع.